للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم عاشت روسيا فترة طويلة من الاضطرابات التي كان لها أكبر الأثر على الإنتاج العام الذي منيت به البلاد، والذي ظهر أثره عندما دخلت روسيا الحرب ضد ألمانيا؛ فمع بداية القرن العشرين الميلادي كانت روسيا مسرحاً لنشاط ثوري أسسه اليهود، واستطاعت تنظيماتهم السرية اغتيال عدد من الزعماء الروس.

وفي عام ١٩٠٥م قامت في روسيا أول ثورة شيوعية نظمها اليهود إلا أنها أخفقت ولم يتمكن اليهود من فرض الماركسية في روسيا.

وفي كانون الثاني من عام ١٩١٧م بدأت الاضطرابات في موسكو ضد نظام الحكم القيصري؛ نتيجة ضعفه، وكثرة المؤامرات ضده، والحرب التي يخوضها على الجبهة الألمانية.

وظلت هذه الاضطرابات تستفحل وتنتشر حتى بلغت حد الثورة التي استطاعت أن تسقط نظام الحكم القيصري في شباط سنة ١٩١٧م.

وكانت الثورة في بدايتها ديمقراطية ذات اتجاه إصلاحي ولم تكن شيوعية، ولم يظهر الشيوعيون على الساحة، وقامت الحكومة المؤقتة برئاسة الأمير لفوف، واتخذت هذه الحكومة المؤقتة بعض التدابير الأولية للتهدئة؛ ظناً منها أن ذلك لمصلحة روسيا، فأصدرت قراراً بإعادة جميع المنفيين في سيبيريا والسماح لمن كان يقيم في الخارج أن يعود إلى البلاد.

وفي نيسان عام ١٩١٧م عاد إلى موسكو قادة المنظمات اليهودية الماركسية؛ فعاد لينين من سويسرا، وعاد ستالين من سيبيريا، وعاد تروتسكي من نيويورك مع مئات الشيوعيين اليهود الحمر.

وفي شهر نيسان نفسه من عام ١٩١٧م اجتمع البلشفيك برئاسة لينين، ووضعوا مخططاً لتحويل الثورة لمصلحتهم، ومصادتها بأية وسيلة.

وفي تشرين من عام ١٩١٧م استطاع البلشفيك الاستيلاء على السلطة المؤقتة، فصارت بأيدي الشيوعيين: لينين وأتباعه.

وبعد ذلك اتحدت المنظمات الماركسية، وخضعت لجهاز مركزي واحد، وفرض على روسيا حكم شديد العنف والصرامة مستخدماً كل وسائل القمع بالحديد والنار. وبهذا يتبين لنا كيف قامت الشيوعية، ومدى العلاقة بينها وبين اليهودية العالمية (١).

بل لقد كشفت اليهودية عن عملها ومخططها في نجاح الثورة، حيث صرح جاكوب شيف المليونير اليهودي بأن الثورة الروسية نجحت بفضل دعمه المالي. وقال: إنه عمل على التحضير لها مع رفيقه تروتسكي. (٢).وفي استكهولم كان اليهودي (ماكس واربورج) ينفق بسخاء على هدم النظام القيصري، ثم انضم إلى هذه المجموعة من أصحاب الملايين اليهود - (والف اشبورغ) (وجيفولوفسكي) الذي تزوج ابنة (تروتسكي) (٣).

وتقول إحدى الصحف الفرنسية القديمة الصادرة في عددها ١١٥ عام ١٩١٩م: المعروف أن الحركة البلشفية ليست سوى حركة يهودية سرية يربطها ويوجهها التمويل اليهودي، فضلاً عن القيادات اليهودية فكراً وتنظيماً (٤).

ونتساءل كيف يتفق أصحاب رؤوس الأموال في العالم مع دعوة (البروليتاريا) أصحاب الطبقة الفقيرة أيكون هذا دعاية من الدعايات التي تطلقها الدول الرأسمالية ضد النظام الشيوعي وأتباعه؟ إن الصحيفة الفرنسية تحسم هذه التكهنات والتناقضات عندما تكشف شيئاً من مخطط اليهود بقولها: إن الهدف من تمويل الثورة الشيوعية من قبل الرأسمالية اليهودية هو إقامة دولة إسرائيل في فلسطين (٥).

يؤيد ما قالته الصحيفة الفرنسية أن من أول القرارات التي أصدرها لينين عقب توليه السلطة: هو قراره المعروف بتأييد إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

والعجيب في الأمر أن قرار لينين هذا تزامن مع وعد بلفور الإنجليزي لهذا الغرض. وهكذا التقت الشيوعية مع الرأسمالية عام ١٩١٧م (٦).

المصدر:رسائل في الأديان والفرق والمذاهب لمحمد الحمد – ص ٣٦١


(١) ([٤٢٩]) بتصرف عن ((التضليل الاشتراكي)) (ص١٨ - ٢٤).
(٢) ([٤٣٠]) انظر ((التضليل الماركسي)) (ص ٣٨ - ٣٩) نقلا عن ((موقف الإسلام من نظرية ماركس للتفسير المادي للتاريخ)) (ص١٠٣).
(٣) ([٤٣١]) ((موقف الإسلام من نظرية ماركس للتفسير المادي للتاريخ)) (ص١٠٥).
(٤) ([٤٣٢]) نسبة إلى " مزدك " الذي ظهر في فارس أيام حكم الإمبراطور " قباذ " حيث جمع " مزدك " حوله الصعاليك ومن انضم إليه وكون منهم قوة كبيرة بل واعتنق " قباذ " هذه الفكرة وقامت شيوعية الأموال والنساء حتى ما كان الرجل يعرف له أبا أو أما واشتد شرها وضررها على الناس حتى أنقذهم الله على يدي " أنوشروان " ولد " قباذ " فقتل منهم جموعا غفيرة إذ كان من أشد أعدائهم وقتل " مزدك " شر قتله.
(٥) ([٤٣٣]) انظر ((هذه هي الاشتراكية)) (ص١٥).
(٦) ([٤٣٤]) انظر ((الاتجاهات الفكرية المعاصرة)) (ص١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>