للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما مَرَّ بماركس في حياته من أحداث - موت ابنتيه منتحرتين، فالأولى (النيورا) انتحرت بعد أن عاشت في الحرام مع عشيق لها ثم اكتشفت سبق زواجه، والثانية (لورا) وقد انتحرت؛ خوفاً من أن تدركها الشيخوخة، مما كان له أثر في نفسه.

هذه لُمَعٌ من سيرة هذا الرجل، وإذا كان هناك من شيء يدعو للعجب فهو حال أتباعه ومريديه، ومحبيه، فكيف يكون له أتباع ومريدون ومحبون وهو بهذه الحال الغريبة المنفرة؟!

ولكن إذا عرف السبب بطل العجب؛ فالأرواح جنود مجندة، والطيور على أشكالها تقع، و:

إذا لم يكن للمرء عين صحيحة ... فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر

ثم إن أصابع اليهود من وراء ذلك - كما مر - فاليهودية هي حاضنة الشذاذ، وفاتحة المجال أمام المجرمين المفسدين. على أن في حياة ماركس زاوية لم يلق عليها الضوء إلا مؤخراً؛ ذلك أن ماركس قد اتصل عام ١٨٦٢م بفيلسوف الصهيونية الأول، وواضع أساسها النظري (موشيه هيس) وعن هذا أخذ هرتزل (١).وقد بلغ من إعجاب ماركس وتأثره بـ (هيس) أن كتب فيما بعد يقول: لقد اتخذت هذا العبقري لي مثالاً وقدوة؛ لما يتحلى به من دقة التفكير، واتفاق آرائه مع عقيدتي وما أؤمن به، إنه رجل نضالي الفكر والسلوك (٢)(موشيه هيس) هذا هو صاحب كتاب (الدولة اليهوية) ولم يزد هرتزل على أفكار هيس سوى أن بسطها، وأقام لها تنظيمها السياسي، فيما يعرف بالحركة الصهيونية تماماً كما كان لينين من ماركس، فماركس صاحب النظرية، ولينين منفذها، وموضح عويصها بالإضافة إلى ما زاد عليها (٣).

ثانياً: أشهر شخصيات الشيوعية الماركسية:

هناك شخصيات مهمة وذات أثر في نشأة الشيوعية والتمكين لها، وأشهر هذه الشخصيات لينين، وتروتسكي، وستالين. وفيما يلي نبذة عن هذه الشخصيات (٤):

١ - لينين: اسمه الحقيقي فلاديمير ألتيش بوليانوف، وهو قائد الثورة البلشفية الدامية، ودكتاتورها المرهوب، فهو الذي قاد الثورة على القيصرية الروسية عام ١٩١٧م وتولى زمام الحكم الشيوعي إلى أن مات عام ١٩٢٤م.

وهناك دراسات تقول بأنه يهودي الأصل وأنه كان يحمل اسماً يهودياً ثم تسمى باسمه الذي عرف به، وربما كان من سلالة التتار الوافدين على روسيا.

وأما أمه (ماريا الكسندر) فيقال: إنها ألمانية الأصل من سلالة يهودية، ولم يطلع لينين على الأفكار الشيوعية إلا في العشرين من عمره، وقد اتصل بالثوريين فقبض عليه عام ١٨٩٧م وظل في السجن مدة عام، ثم نفي إلى سيبيريا، وفي منفاه عكف على التأليف.

وفي سنة ١٩٠٠م سُمِح له بالعودة فهاجر إلى سويسرا وهناك أسس أهم صحيفة ثورية (القبس) ثم انتقل إلى لندن؛ ليتصل بالاشتراكيين هناك، ومكث فترة ثم استطاع بعدها أن يدخل روسيا سراً سنة ١٩٠٥م.

وفي عام ١٩١٧م تولى قيادة الثورة ضد القيصرية، واستطاع القبض على زمامها لصالح الحزب البلشفي كما مر عند الحديث عن نشأة الشيوعية.

وهكذا تبوأ لينين مقعد الرئاسة منفذاً ما كان يريد لا ما كانت الثورة تريد.

ولئن كان ماركس هو المؤسس الأول للشيوعية بأفكاره النظرية - فإن لينين هو المنفذ لهذه الأفكار؛ فهو الذي وضع الشيوعية موضع التنفيذ.


(١) ([٤٣٦]) انظر ((مقدمة في الفكر السياسي)) (ص١٨٠).
(٢) ([٤٣٧]) انظر ((الاتجاهات الفكرية المعاصرة)) (ص١٦٢) نقلا عن ((المذاهب الاجتماعية الحديثة)) لـ " محمد عنان " (ص٥١).
(٣) ([٤٣٨]) بتصرف عن ((الاتجاهات الفكرية المعاصرة)) (ص١٩٣).
(٤) ([٤٣٩]) انظر ((كواشف زيوف)) (ص٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>