وأما زعم الملاحدة أن الناس في الشيوعية الأولى كانوا يعيشون عيشة متساوية لا فرق بينهم فهو افتراض ينقصه الدليل فمن أين لهم أنهم ما كانوا يشعرون بالفوارق فيما بينهم وأقل ما فيها فوارق في الذكاء، فوارق في إتقان العمل، فوارق في القوة الجسدية والنفسية، وفوارق في الشجاعة، وفوارق في المال .. إلى آخر الفوارق التي لا يجهلها أي إنسان سليم العقل وحتى الملاحدة لا يجهلونها لولا أنهم يريدون تحبيب الشيوعية إلى الناس وخصوصا الناس الذين يشعرون بانتقاص المجتمع لحقوقهم أو أنهم مغلوبون على أمرهم ويتمنون أي فرصة لإثبات وجودهم الذي يحلمون به فانتهز الملاحدة وجود هذه الفوارق الحتمية بين الناس للمناداة بالقضاء عليها وأنى لهم أن يطبقوا ذلك فعلا وهو مخالف لما أراده الله تعالى في سنته ذلك أن الله تعالى هو الذي أراد للناس أن يكونوا بهذه الحال منهم الذكي ومنهم البليد ومنهم الغني ومنهم الفقير إلى آخر الصفات المعلومة بالضرورة من أحوال البشر فكيف يقضون على ما أراد الله بقاءه والحاصل أنه لا دليل لهم على كل ما زعموه من تلك المساواة المكذوبة وكذلك زعمهم أن الناس كانوا يعيشون حياة ملائكية في منتهى السعادة إن هو إلا خيال فارغ تكذبه طبيعة البشر منذ وجودهم إلى اليوم إضافة إلى أنه لا دليل لهم إلا محض أخيلتهم المنكوسة وإلا فأي زمن خلا عن الحرب والتنافس بين القبائل على أمور كثيرة أقلها المرعى والحمى والغنائم وما إلى ذلك من الأمور التي لابد من وقوعها ضرورة في كل أجيال البشر.