للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما زعمه ماركس من أن تاريخ البشر وما يمرون به في حياتهم من أمور مختلفة إنما هو نتيجة لطريقتهم في الإنتاج إن هو إلا كذب محض فإن حياة الناس ومعايشهم والتغييرات التي يمرون بها لا تتوقف فقط على الإنتاج والواقع خير شاهد على أن الذي يغير المجتمعات قد يكون أشياء كثيرة غير وفرة الإنتاج أو قلته، فالفرق المختلفة وأصحاب المذاهب الوضعية واستعمار الناس بعضهم بعضا والحروب التي تشتعل بينهم والغنى والفقر الذي يمرون به وغير ذلك كلها من العوامل التي تحدث التغيير في المجتمعات ولا سبيل إلى إنكار هذا مما يدل على أن قضية الإنتاج إنما هي جزء من الأجزاء الكثيرة التي تحدث التغيير في المجتمعات وليس المال فقط كما قرره الملاحدة وكذلك ما زعمه الماركسيون من أن تاريخ البشر مر بالمراحل السابقة إلى أن وصل إلى الشيوعية هي في الحقيقة كلها مزاعم فارغة كاذبة وقد ظهر كذبها فإن " ماركس " زعم أن العالم الغربي المتطور سيترك الرأسمالية ويتحول حتما إلى الاشتراكية الشيوعية فكان العكس هو الصحيح إذ رفض العالم المتطور فكرة الشيوعية وتقبلتها الدول المتخلفة نسبيا كروسيا والصين وقد بدأت تظهر في تلك البلدان العودة إلى الرأسمالية رويدا رويدا خصوصا بعد أن بدأت الشيوعية تحتضر كما أن ما يتنبؤون به من أحداث ستحصل في المستقبل يدل على تناقضهم لأنهم لا يؤمنون بأي شيء في المستقبل يدل عليه العقل بل يؤمنون بما يدل عليه الواقع المشاهد الذي تفرزه الطبيعة فقط إلى أن ماتت الشيوعية دون أن ينتقل الناس إلى الشيوعية الأخيرة التي زعموا أنها ستقضي على جميع الطبقات فتبين كذب الشيوعية جملة وتفصيلا.

١ - المشاعية البدائية

أما بالنسبة للمشاعية البدائية التي زعم الملاحدة أن الإنسان نشأ بدائيا كقطيع من الحيوانات ثم أخذ يتطور إلى أن استطاع إنتاج أدوات العمل في تطوره التدريجي البطيء وأنه اكتمل بفضل التعاون الذي قام بين أفراد البشر وأنهم استطاعوا انتزاع حياتهم من الطبيعة التي كانت تغالبهم ويغالبونها ثم أضافوا إلى هذا الافتراء افتراءا آخر وهو أن ذلك التطور قد اكتمل في الناس من غير إرادتهم ووعيهم وأنهم انتصروا على الطبيعة بفضل تعاونهم المشاعي في الزراعة والصناعة وغيرهما إلا أنه حينما انصرف بعض أفراد البشر إلى الإنتاج الفردي لا المشاعي ظهر التناقض بين الملكية الاجتماعية والطابع الفردي لعملية الإنتاج فاصطدم هذا الوضع وتناقض مع الرغبة في الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ونتج عن ذلك القضاء على النظام البدائي المشاعي كحتمية طبيعية للتطور المستمر في الحياة قاطعة بذلك خطر سيره، ثم نشأ بعد ذلك الصراع الطبقي على المصالح المادية فبدأ من هنا تاريخ الصراع الطبقي في المجتمعات نتيجة للتطورات المتلاحقة وحياة الإنسان فاصطدمت بالنظام الرأسمالي الذي يمثل سيادة أصحاب رؤوس الأموال على الفقراء وعلى الأفكار عموما. ثم نتج عن ذلك أيضا قيام قضية الرق الآتية.

٢ - الرق

<<  <  ج: ص:  >  >>