للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف يمكن للخوف، والسطوة، والأكاذيب والبؤس أن تخلق إنساناً أفضل. إن السنوات التي قضيتها مؤيداً للنظام السوفيتي علمتني أنه لاينبغي لرجل يحب البشرية ويحب السلام أن يؤيد الدكتاتورية. (١).ج - وهذا ستيفن (٢) سبندر يقول بعد انفصاله عن الحزب الشيوعي: إن الشيوعية هي الإيمان بأن في الإمكان تغيير المجتمع عن طريق تحويل الرجال إلى آلات تقوم هي بتغيير المجتمع (٣). وهكذا يتبين لنا بطلان الشيوعية جملة وتفصيلاً.

المصدر:رسائل في الأديان والفرق والمذاهب لمحمد الحمد – ص ٤٤٥

رد مزاعمهم في الملكية الفردية

أما زعمهم أن الملكية الفردية ليست فطرية في الإنسان، فقد كابروا عقولهم وتعسفوا حين زعموا أنها لم تكن قضية فطرية في النفوس وإنما وجدت بعد أن عرف الإنسان كيفية الزراعة واستجلاب كثرة الدخل للفرد وما تلا الزراعة من قيام الصناعات وزيادة الدخل محتجين على هذا السخف بأن الشيوعيين الأوائل ما كانوا يعرفون الملكية الفردية وكانوا في أسعد حال فإن هذا الدليل رغم مصادمته للواقع وللفطر السليمة رغم ذلك وغيره هو قول بلا علم وتخرص بلا دليل، والإسلام يذكر أن الله عز وجل علم آدم كل شيء حتى علمه كيف يزرع وكيف يحصد فأي زمن كان الناس – حسب زعم الملاحدة – لا يعرفون الزراعة ولا العمل؟

وهذا ما أفادته الشريعة الإسلامية بل وسائر الأديان عن طبيعة البشر منذ وجودهم وأقرته ولم تلغه لأن الحياة لا تستقيم بدون النزعة إلى الملكية الفردية وحب التملك سنة الحياة الدنيا فمن خالف هذه السنة وزعم أن الناس لابد أن يكونوا في حال لا يملك فيه الشخص أي شيء لنفسه – كما تقضي بذلك التعاليم الشيوعية – فلا شك أن مصيره الفشل وهو ما حصل بالفعل حينما أقدم الثوار الشيوعيون الأوائل على تطبيقه فرؤوا بأعينهم هبوط أحوالهم الاقتصادية وكساد حركاتهم المعيشية مما جعلهم يضطرون صاغرين إلى الاعتراف بالملكية الفردية لو في أضيق نطاق لكن له دلالته على وجود نزعة الإنسان في حب التملك الفردي وأن القول بعدم وجود تلك النزعة إنما هو مكابرة وضيق فكري.

فكان من أهم أسباب تراجع أقطاب الشيوعية عن تأميم الملكيات كلها هو ما لاحظوه من تردي الإنتاج الزراعي ومعرفتهم أن سبب ذلك إنما يعود إلى ضعف الحوافز على العمل وعدم تمكن الحكام من دقة معرفة المقصر من غيره في المجال الزراعي الذي تصعب مراقبته إلى حد كبير بخلاف المجال الصناعي الذي تم إخضاعه بدقة للملاحظة والمراقبة الصارمة بحيث يعهد لكل شخص بمهمة خاصة في العمل فإذا حصل خلل في أي قطعة من الصناعة عرف صاحبها فورا ونال عقابه الذي لا يعرف الرحمة بخلاف العامل الزراعي الذي أفلت من هذه المراقبة الصارمة فكانت النتيجة أن أخذت الدول الشيوعية تتكفف الدول الغربية القمح والحبوب وزعموا أن ذلك النقص في الجانب الزراعي إنما كان بسب الآفات الزراعية، ولكن الحل الذي عالجوا به تلك الآفات يفصح عن السبب الحقيقي حيث سمحوا بعد فوات الأوان بإتاحة الملكية الفردية لقسم من المحصول الزراعي يمتلكه المزارع تشجيعا لزيادة الإنتاج ولنشاط المزارعين وهو دليل واضح على فشل نظام منع الملكية الفردية وأنه أشد الآفات.

رد مزاعمهم في نشأة الصراع الطبقي

أما زعمهم أن الصراع الطبقي لم يكن له أي سبب غير معرفة الإنسان للزراعة والصناعة فهذا قول بالتخمين وهو أكذب الكذب ولن يجد القائلون به أي دليل لأنهم ادعوا شيئا هو أقدم منهم.


(١) ([٥٠٧]) انظر ((مذاهب فكرية معاصرة)) (٣٠٤ – ٣٠٥).
(٢) ([٥٠٨]) ((الدين في مواجهة العلم))، (ص١١١).
(٣) ([٥٠٩]) انظر ((الدين في مواجهة العلم))، (١١٣ – ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>