ولما رأوا أن العمال لا يمكن أن يعملوا بجد وإخلاص طالما أن جهدهم يتمتع به غيرهم، لجأوا إلى الحوافز، واضطروا إلى الاعتراف بها لتشجيع المنتجين من فلاحين ورعاة، وعمال مصانع؛ فأخذت الدولة تُمَلِّكهم شيئاً من إنتاجهم؛ فأين المساواة؟ وأين محاربة الملكية الفردية؟!
د - سحق العمال تحت نظام السخرة في المصانع: والسخرة هي العمل المجاني، حيث يقوم العمال بالعمل دون أن يكون لأحد من نصيب إلا حد الكفاف لا الكفاية.
فالعامل الفرد في ظل هذا النظام يجبر على أن يحشر هو وكل أفراد أسرته في غرفة واحدة، هي غرفة جلوسهم، ونومهم ومطبخهم.
ثم هي غرفة في مجمع سكاني ضخم غير متجانس، ويشترك سكان الشقة في دورة مياه واحدة، وقد تكون تلك الدورة بنيت بلا أبواب منذ إنشائها.
وإذا كانت الغرفة لا تحتوي إلا على سرير واحد فردي - فإن الأبوين ينامان عليه حين ينام الأولاد صغارهم وكبارهم، وذكورهم وإناثهم على المنضدة متلاصقين.
وتلك المنضدة هي التي تستعمل في النهار للطبخ، وربما كان الزوجان والثلاثة يعيشون في غرفة واحدة يفصل بينهم حبل من حبال الغسيل تثبت به قطعة من القماش.
ثم إن الطعام الذي توزعه المزارع الجماعية لا يكاد يسد الرمق.
أضف إلى ذلك غلاء الأسعار الفاحش، فثمن الكيلو غرام الواحد من الزبدة في السوق الحرة يوازي الأجر الشهري للعامل العادي، وثمن زوج الأحذية يوازي أجر شهرين وإذا مرض أحد من عامة الناس لم يُهتم بعلاجه.
هـ - إغراق الطبقة الحاكمة في الترف والنعيم: ففي الوقت الذي يسحق فيه عامة الناس، ويعانون من شظف العيش، وضيقه - إذا بالطبقة الحاكمة تغرق في النعيم والترف إلى الأذقان؛ فأعضاء الحزب الشيوعي يتمتعون بالملذات والمساكن الراقية الفسيحة، والمراكب الفارهة التي تستورد من الغرب الرأسمالي.
وإذا مرض واحد من أعضاء الحزب بُودر في علاجه بأرقى أنواع العلاج.
ويكفي شاهداً على ترفهم ذلك القصر الباذخ الذي كان يتخذه الرئيس خروتشوف مشتىً له على ضفاف البحر الأسود الدافئة.
ولقد وصف الصحفي المصري محمد حسنين هيكل ذلك القصر وصفاً مذهلاً وذلك في ملحق الأهرام بتاريخ ٢٢مايو سنة ١٩٦٤م فذكر الأثاث الفاخر، والحدائق الغناء، وحمام السباحة المثير المغطى بقبة من البلور الشفاف، المُكَيَّف بدرجة حرارة مناسبة تتغير آليا حسب الجو، إلى آخر ما وصف به ذلك القصر.
٢ - تسلط الحزب الحاكم واستبداده: فبالرغم من أن الاتحاد السوفيتي يتكون من ١٥ ولاية رئيسة فُرِض عليها الاتحاد فرضاً وفي كلٍّ منها مجلس وزراء - إلا أن سلطاتها تنحصر في الأمور العادية.
أما الحل والعقد والبت في الأمور فيملكه الحزب في موسكو، ولا يناقشه أحد بذلك.
٣ - البطش والإرهاب: حيث اتسمت سياسة الشيوعية بعد التطبيق بالبطش والإرهاب والتدمير والتعذيب، والتنكيل الذي لم يسبق له على مدى التاريخ مثيل، ولقد مرَّ بنا قبل قليل نماذج من ذلك.
٤ - انقسام المعسكر الشيوعي على نفسه: حيث توالت الخلافات بين الدول الشيوعية، بل داخل الدولة الواحدة وبين أعضاء الحزب الواحد؛ فلا يكاد يجمعهم سوى خوف كل طرف من الطرف الآخر فهناك خلافات لينين مع ستالين والتي كان لينين بسببها ينوي إقصاء ستالين من مكانته، وهناك الخلافات بين ستالين وتروتسكي، والتي أدت بستالين إلى تدبير اغتيال تروتسكي.