وَمَا وَطِيء الحَصَى مِثْل ابن سُعْدى ... ولاَ لَبِسَ النَعَّالَ ولا احْتَذَاهَا
واجتمع عند النعمان بن المنذر حاتم بن عبد الله وأوس بن حارثة وهما يومئذ سيدا طيء في نفر من الناس، فدعا النعمان حاتما فقال له: إني مُخِصُّ بالجائزة أشرفكما وأكرمكما، فإياك أعطي أم ابن عمك أوسا؟ فقال له حاتم: أبيت اللعن، أتعدلني بأوس بن حارثة، لأوضع ولده أشرف مني، فلما خرج حاتم بعث إلى أوس فدعاه. ولم يشعر بالذي قال لحاتم - فلما دخل عليه قال له النعمان: إنك قد وردت إليّ وابن عمك، وإني معطي الجائزة أشرفكما وأرفعكما، فقال له أوس: أتعدلني بحاتم، والله لو أني وأهلي لحاتم لأعطانا في مجلس واحد. فقال له النعمان: كلاكما سيد له عندي الشرف والجائزة، والمنزلة الحسنة، ولو كنتما دائنين لم تفعلا الذي فعلتما، ثم أرسل إلى كل واحد منهما بجائزة منهما بجائزة سينة، وقال حاتم في ذلك: -
ألا مَن مُبْلغ النعمان عني ... بأنك سيّد ملكٌ همام
جوادٌ طيّب الأخلاق سَمْحٌ ... كريم كلما غشى المدام
خرجنا نحوه نبغي نَدَاه ... وكان الغيث ليس به اكتتام
فزدتَّ على الذي كنا نُرَجِّي ... وأنت الماجد العضب الحسام
فقد أبنا بذلك شاكراه ... فلما أنساه ما سَجَعَ الحمام
جزاه الله خيرا من ميلك ... ولاقته التحيّة والسلام
فمن ولد أوس بن حارثة بن لأم الرَّبِيعُ بن مُرِي بن أوس، شريف مذكور، وليَ الحِمَى بظَهْر الكوفة، ولاَّه الوليدُ بن عُقبة، وكان لوِلاية الحِمى قَدْرٌ في ذلك الزمن، ومُرَيُّ تصغير مِرْء، والجمع مَرْوُن. أخبر بذلك عيسى بن عُمَر عن رُؤْبَة. ومنهم ثعلبة بن لأم من ولده نَوْفَل بن زَبْن بن مَشْجَعَةَ، وكان شريفا فارسا. ومنهم بسطام بن شِنْظِير بن أنَافَ، والشِّنَظير: السِّيئ الخُلُق الزَّعِر.
ومن ولد حارثة بن لأم عَرِّم بن الحارث بن المنذر بن رشد بن قيس بن حارثة بن أوس بن لأم، عاش في الجاهلية دَهْراً، وهو من المعمرين، وأدرك أيّام عمر بن عبد العزيز، وأدخل عليه ليزمن: أي ليُكْتب في الزَّمْني، فقال له عمر: وما زمانتك هذه؟ فقال:
فو الله ما أدري أأدْرَكْتُ أمَةُ ... على عهدي ذي القرنَينِ أم كنتُ أقْدما
مَتى تَترِعا عني القميصَ تَبَيَّنا ... جَنَاجِن لم يُكْسين لحما ولا دما
ومنهم شهاب بن لأم، وكان شاعرا. ومنهم مجير الجراد أبو حنبل حارثة ابن مر، وقد ذكرنا قصته هذه قبل. ومنهم أبو جابر بن الخلاس، اجتمعت له طيء ولم يجتمع لغيره.
ومن جديلة بنو تَيْم الله، منهم المعلاّ بن تَيْم الله بن ثعلبة بن جديلة بن ذهل بن رومان بن جديلة ابن خارجة بن سعد بن فطرى بن طيء، وهو الذي يقول فيه امرؤ القيس ابن حجر الكندي لما استجار به عن المنذر بن النعمان ماء السماء اللخمي:
كأني إذ نزلتُ على المَعَلاَّ ... نزلتُ على البَوَاذِخ مِن شمام
فما مَلِكُ العراق على المعَلا ... بمقتدر ولا ملك الشام
أصدُّ شِنَاص ذي القرنين حتى ... تولّى عارض الملك الهمام
أقَرَ حَشَا امرئ القيس بن حُجر ... بَنُو تَيْم مصابيحُ الظلام
فلزمهم هذا الأسم فهم يسمون اليوم مصابيح الظلام. ومنهم أبو حذام الشاعر الذي ذكره امرأ القيس بن حجر.
عوجا على الطلل المحيد لعلنا ... نبكي الديار كما بكى ابن جزام