للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان من حديث امرئ القيس بن حجر بن الحارث الملك بن عمرو وحُجْر آكل المرار بن عمرو بن معاوية الأكرمين الحارث الأكبر بن معاوية بن مُرْتع بن كنْدة - وهو ثور بن مُرْتع - قال: واسم امرئ القيس سليم القيس بقية، وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: امرء القيس بمنزلة عبد الله وعبد الرحمن، وفي إعرابه أربعة أوْجه: يقال امرؤ القيس بضم الراء والهمزة ويقال: امرؤ القيس بفتح الراء وضم الهمزة فمن ضم الراء والهمزة بغير ألف وقال امرؤ القيس بفتح الراء وضم الهمزة والميم قال معرب من جهتين ومن فتح الراء والميم قال هو معرب من جهو ةاحدة على هذا تقول أعجبني شعر امرئ القيس بكسر الراء والهمزة وأعجبني شعر امرئ القيس - بفتح الراء وكسر الهمزة، وأعجبني شعر امرئ القيس بكسر الراء والهمزة. قال الأصمعي حدثني من سمع عبد الله بن دالان التميمي - وكان رواية الفرزدق - قال: لم أر رجلا ولم أسمع به كان أروى لأحاديث امرئ القيس بن حُجْر أشعاره من الفرزدق، لأن امرأ القيس كان صحب عمه شرحبيلا قتيل الكلاب لأول حتى قيل أبوه وكان شرحبيل مسترضعا في بني دارم وكان امرؤ القيس رأى من أبيه جفاء فلحق بعمه شرحبيل حتى قتل أبوه، ثم إنه لما جعل يقول الشعر لرّدّه أبوه وأبعده عن نفسه. فلحق بعمه شرحبيل إلى أن قُتِل شرحبيل. فجعل بعد ذاك ينتقل في أحياء العرب، واتبعه صعاليك منهم، وكان يغير بهم، وينتقل في احيائهم. وقال عبد الله بن دالان: إن الفرزدق قال: أصابنا مطرٌ بالبصرة جود، لما أصبحت ركبت بغلة لي وخرجت نحو المِرْبد، فإذا ابا آثار دواب قد خرجن إلى ناحية البرية، فظنت أنهم قوم قد خرجوا يتنزهون وهم خلفاء أن يكون معهم سفرة شراب، فأتبعت آثارهم حتى انتهيت إلى بغال عليها رحائل موقوفة على غدير ماء، أسرعت السَّير إلى الغدير، فأشرفت فإذا فيه نسوة ميتنقعات في الماء، فقلت: لم كاليوم قط شبيها بيوم دارة جُلْجُل. قال: ثم انصرفت ففناديتني: يا صاحب البغلة ارجع نسألك عن شيء. فانصرفت إليهن، وقعدن في الماء إلى حلوقهن. ثم قلن: نسألك بالله لما حدثتنا حديث يوم دارة جلجل. فأخبرتهن كما كان. قال عبد الله بن دالان: فقلت يا أبا فراس، وكيف كان يوم دَارَة جُلْجُل؟ قال: حدثني جديَّ وأنا يومئذ غلام حافظ لما أسمع - قال كان امرؤ القيس عاشقا لجارية من قومه يقال لها عُنَيْة، وإنه طلبها زمانا فلم يصل إليها، وكان محتالا في كلب الغِرة منها من أهلها ليزورها، فلم يمكنه ذلك، حتى كان يوم الغدير وهو يوم دارة جلجل، وذلك أن الحي احتملوا فتقدم الرجال وخلَّفوا النساء والعبيد والثَقل والعسفاء، فلما رأى ذلك أمرؤ القيس تخلف بعد ما سار الرجال من قومه غلوة فكمن في غيابة من الأرض، حتى مرت به النساء، فإذا فتيات كالمها، عُنَيْزة، فلما رأين الغدير قلت: لو نزلنا ها هنا واغتسلنا في هذا الغدير، لذهب عنا بعض الطلال. فقالت إحداهن: نعم فافعلن. فعدلن إلى الغدير فنزلن، ونحيَّن عنهن العبيد، ودخلت الغدير، فأتاهن امرؤ القيس محتالا وهن غوافل، فأخذ ثيابهن في الغدير، ثم جمعها وقعد عليها وقال: والله لا أعطي جارية منكن ثوبها ولو ظلت في الغدير إلى الليل حتى تخرج كما هي متجردة فتكون هي التي تأخذ ثوبها. فأبين ذلك عليه حتى أرتفع النهار، وخفن أن يقصرن دون المنزل الذي يردنه، فعند ذلك خرجت إحداهن، فوضع لها ثوبها ناحية، فمشت إليه فأخذته فلبسته، ثم تتابعن على ذلك حتى بقيت عُنَيْزة، فناشدته الله أن يضع لها ثوبها، فقال: لا والله لا تمسيه دون أن تخرجي عُرْيانة كما خرجن، فخرجت، فنظر إليها مُقْبِلة ومُدْبرة، فوضع لها ثوبها فأخذته فلبسته، وأقبلت النسوة عليه فقلن: غدِّنا فقد حبستنا وجوَّعتنا، فقال إن نحرت لكن ناقتي أتأكلن منها؟ فقلن: نعم فاخترط سيفه وعرقب ناقته ثم كشطها، وجمع الخدم حطباً كثيراً وأجج نارا عظيمة، وجعل يقطع لهن ويشر بن من فضلة خمر كانت معه في ركوة له، ويُغنيهن، وينبذ إلى العبيد من الكباب حتى شبعن وطربن وطربوا، فلما ارتحل النهار وارتحلوا قالت إحداهن: أنا أحمل طنفسته وأنساعه، وقالت الأخرى أنا أحمل خشبته ورحله، فقسمن متاع راحلته بينهن وزاده، وبقيت عنيزة لم تحمل شيئا، فقال لها امرؤ القيس: يا بنت الكرام ليس لك بُدُّ من أن تحمليني معك، فإني لا أطيق المشي ولم أتعوده.

<<  <   >  >>