قال فلما مات امرؤ القيس بن حُجر في طريقه عند مُنصرفة من عند قيصر ملك الروم ضَعُف أمر كندة من بعده، واختلفت كلمتهم، فقام فيهم ابن عمه عمرو بن أبي كرب بن سلمة غلفاء بن الحارث الملك بن عمرو المقصور بن حُجر آكل المُرار بن معاوية الأكرمين بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مُرتع بن معاوية بن كندة - وهو ثور بن مُرتع، فجمع كِندة وسارلا بهم حتى رجع إلى أرض اليمن، فنزل بهم حضرموت، وعمروٌ هذا على خبرهم، وكانت بنو الحارث الأصغر بن معاوية على خبرهم قد مَلَّكوا معدى كرب بن معاوية ابن جَبَلة بن عدىّ بن ربيعة بن معاوية بن الحارث الأصغر بن معاوية الأكرمين بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مُرتع بن معاوية بن كندة - وهو ثور بن مُرتع. ومعدى كرب هذا هو جدّ الأشعث بن قيس الكندي، فوقع الاختلاف بينهم، وصار معدى كرب بن معاوية في حزب من كندة، وصار عمرو بن أبي كرب في حزب آخر. فلم يزالا كذلك إلى أن هلك عمر بن أبي كرب، فقام من بعده عمرو بن يزيد بن شرحبيل - قتيل الكُلاب - بن الحارث الملك بن عمرو المقصور بن حُجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية، فدعا السكون وبنى عمرو بن معاوية على أن يُملكوه عليهم فأجابه الجميعُ منهم إلى ذلك، وأبت عليه بنو الحارث الأصغر بن معاوية وبايعته السكون وبنو عمرو بن معاوية، ووقع الاختلاف بين بني الحارث الاصغر بن معاوية وبنو عمر بن معاوية معهم السكون فسار عمرو بن يزيد بن ربيعة بن الحارث الأصغر بن معاوية وسارت مع عمرو بن يزيد بن شرحبيل من بايعه من عمرو بن معاوية ومعهم السكون - عليهم جفنة بن قتيرة التيجيبي، وهو جفنة بن قتيرة بن حارثة بن عبد شمس بن معاوية بن جُعفى بن أسامة بن سعد بن أشرس بن كندة، فلقيتهم بنو الحارث الأصغر بن معاوية - عليهم معدى كرب جَدّ الأشعث بن قيس - فاقتتلوا بضيقا قتالا شديدا حتى فشت القتلى والجراحات بينهم، ثم جالت بنو الحارث الأصغر بن معاوية، فخرجت عليهم نساؤهم ومعهن أولادهن، وعليهن الخش فخذن يحرضنهم، وقيس بن معدى كرب أبو الأشعث يومئذ صبىُّ قد وجهه من كثرة ما يرى من البارقة، ووثب الزّبير - وهو علقمة - بن سلمة بن مالك أحد بني الحارث الأصغر بن معاوية - وهو ابن عبدة - فعقل بعيرة فقال أنا زبيركم اليوم - والله لا أزول حتى يزول جملي هذا، فجعلت بنو الحارث الأصغر ترتجز وتقول:
نحن مَنَعنا جَحجا بن عبده ... أقتابه وكوره وق
يوم تلافت بالمضيق كِنده.
ثم حملت بنو الحارث الأصغر بن معاوية فقتلت في بني معاوية بن يزيد بن شرحبيل، وأخاه الهُمام بن يزيد، فأُخذا جريحين، ثم جالت بنو عمرو بن معاوية وتبعتهم بنو الحارث الأصغر بن معاوية فصدقوهم القتال حتى كثرت بينهم القتلى والجراحات، وانهزمت بنو الحارث الأصغر بن معاوية، واستنفذت عمرو بن معاوية ما كان في يد بني الحارث من الأسارى، وافتكوا عمرو بن يزيد وأخاه الهُمام بن يزيد، وانكسرت بنو الحارث، وظهرت بهم بنو عمرو بن معاوية والسكون، وأخذوا عمرو بن يزيد وأخاه الهُمام بن يزيد وهما جريحان، ف لأيديهم.
فلما ماتا ضعف أمرُ بني عمرو بن معاوية عن حرب إخوتهم بني الحارث بن معاوية، وكان مَلِك بني الحارث الأصغر مَعِدى كَرِب قد سلم في حربهم من القتل فتراسلوا حتى أذعنت بنو عمرو بن معاوية فملكوه على وكان أبو الخير بن عمرو بن يزيد ابن شرحبيل بن الحارث الملك صبيا صغيرا شبّ وكبر نهَض يطلب المملكة، فدعا بني الحارث الأصغر بن معاوية إلى الذي كان دعاهم إليه من تمليكه، فأجابوه، وكان للمُلك مُحتملا، ثم إن كرب دعاهم إلى الغدر بأبي الخير، فقال أبو الخير: ياني الحاريث، إنما أسألكم تجعلوا لنا تحية دونكم وتطرحوا لنا الوسائد ولا نطرحها. فسمعته مُليكة بنت الشيطان بن حُديج بن امرئ القيس بن ربيعة بن معاوية ابن معاوية ابن الحارث الأصغر فقالت - وهي خالة أبي الخير: حقّ للسماء أن تنشق، والأرض كان هذا، فأخذ أبو الخير ضِعثاً من الأرض ثم قال: مُسى هذا فقالت: هذا ضِعث.:والله لبنو الحارث ألين من هذا مسًّا، وهم أهون شوكة، ثم انطلق حتى أتى عمرو بن معاوية فاعتزل بهم ونزل فيهم، ودعا السكون فأجابته، فلما همّ أن بني الحارث نعا عليه عَمّه شرحبيل، فسعى به في عمِّه عمرو بن معاوية