وبلغ منبها وبني حنيس ... وسعد الله ذي الحي اليماني
ومن أمسى بحي بني صريح ... إلى حرس وحي بني عدان
ومن حل الثنية من كلاع ... إلى بطن المناقب والمثان
بلاد قد نأى عنها مزاري ... وجيران المجاورة الأدان
بغته الدار من أبناء فهم ... ومن أبناء دوس والقنان
قتلت محرقا وحميت نفسي ... وراغمت الاعادي من اسان
وفي العرنين كنا أهل عز ... ملكنا بربرا وبني قران
جلبت الخيل من سروات نجد ... وواصلت الثنايا غير وان
صددنا قومنا الادتيت قدما ... لدى بطن المبالغ والدعان
بها عمران من اولاد عمرو ... ونسوتها ذوا النسب الأوان
وسرنا بين احقاف ورمل ... وغلفات تعاطاها بنان
وأودية بها نعم وشاء ... يردن الماء تنزحه السوان
به اولاد ناجية بن حزم ... وأوباش من الأمم الغوان
حلبت الخيل من برهوت شعثا ... إلى قلهات من أرضي عمان
قتلت بها سراة بني قياد ... وحاميت المعالي غير وان
وفي الهيجاء كنا أهل بأس ... قتلنا بهمنا وبني كران
لقينا خيلهم عند التعادي ... بابطال المرازبة الدعان
يؤمون الذرى والخيل تترى ... بفرسان اللقاء كجن عان
فصالت فهم الأملاك فيهم ... بمرهقة تحل عرى المتان
نصفناهم فنصف الخيل قتلي ... ونصف في الوثاق وفي القران
ثأرنا الملك يوم بني قياد ... وبهمن والمنايا في العيان
فأضحت بهمن وبنو قياد ... موالينا حيارى في الرهان
فامتعناهم بالمن عفوا ... وجدنا بالمكارم والأمان
وجزت مملكا قطري عمان ... وقدت الهبرزي مع كل عان
نكحت بها فتاة بني زهير ... وخودة بنت نصر الأسودان
وجعدة بنت حارثة بن حرب ... من الخور المحبرة الحسان
وأم جذيمة وهناة بكر ... عقيلة من ذرى العرب الهجان
ومعن والعميقي ثم عمرو ... وحارث منهم ذرب اللسان
شربت الماء من قطر عمان ... فلم ار مثل ماء البيذحان
جزاه الله من ولد جزاء ... سليمة انه ساحي جزان
اعلمه الرماية كل يوم ... فلما اشتد ساعده رماني
توخاني بقدح شك لبي ... دقيق قد برته الراحتان
فأهوى سهمه كالبرق حتى ... أصاب به الفؤاد وما اتقاني
الا شلت يمينك حين ترتمي ... وطارت منك حاملة البنان
فلما مات مالك بن فهم، أنشأ ابنه هناة بن مالك يرثيه ويقول شعرا:
لو كان يبقى على الأيام ذو شرف ... لمجده لم يمت فهم وما ولدا
حلت على مالك الأملاك جائحة ... هدت بناء العلا والمجد فانقصدا
إذا جذيمة لا تبعد ولا غلبت ... به المنايا وقد أودى وقد بعدا
لو كان يفد البيت العز ذو كرم ... فداك من حل سهل الأرض والجلد
يا راعي الملك أضحى الملك بعدك لا ... تدري الرعاة أجار الملك أم قصدا
قال، فلما رأى سليمة أنه قد قتل أباه، خاف إخوته على نفسه، فاعتزلهم. وأجمع أمره على الخروج من بينهم. فسار اليه اخوه هناة بن مالك، في جماعة من وجوه قومه من الأزد. واجتمعوا اليه، وكرهوا عليه الخروج، وكان أكثر أوقاته متخوفا من أخيه معن بن مالك.
فقال سليمة: اني لا أستطيع المقام بينكم، وقد قتلت أبي، وكان ذلك سبب حسد اخوتي لي، ويأتي من معن ما أكره، فاخاف ان يغتالني، في بعض سفهاء قومه. فناشدوه الله والرحم، لما أن يرجع عندهم. وضمن هناة عنه بتسليم الدية من ماله إلى أخيه معن، دون سائر ولد مالك. وأعفوه عن القود. فقبل ذلك منهم ورجع معهم.