للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقتلوا منهم بشرا كثيرا، فانهزمت طئ وبنو الضأن وكندة وابناء الجون وفزارة وذبيان وبنو تميم على وجوههم، وجعل لقيط بن زرارة التميمي يقول للناس: ياقوم كروا فلا بأس؛ فيقول الناس: أنت والله شامتنا برأيك. وجعل لقيط يرتجز يومئذ ويقول:

سيان هذا والعتاق والنوم ... والمقعد البارد في ظل الدوم

يا قوم قد اهلكتوني باللوم ... ولم اقاتل عامر قبل اليوم

ةاليوم إذ قتلتهم فلا لوم

وقال لقيط ايضا وكان تحته فرس اغر:

ان الشوا والنشل والرعف ... والقينة الحسناء والكاس الانف

الطاعنين الخيل والخيل جنف ... تعدو بغثيان الوغى وتعترف

عدو الظباء في مداهيس الحقف

فقال عنترة العبسي للقيط، وكان تحت جرف، ان كنت صادقا فأقحمها الجرف؛ فضرب لقيط فرسه، فأقمحها الجرف، وحمل عليه مالك ابن سلمة بن قشير، وهو ذو الرقيبة، فقتله، واسر بشرا كثيرا من فزارة وبني ذبيان وغيرهم. وانطلق حاجب بن زرارة منهزما واتبعه الزهدمان العبسيان، وهما اخوان من بني عبس، ويزعم بعض الناس انهما من بارق وكانا حليفين لبني عبس. وزعم بعض ان الزهمدين اسم رجل قال: واتبع الزهمدان حاجب بن زرارة فلحقاه فأسراه بعد مراددة طويلة، ولحقهم ذو الرقيبة مالك ابن مالك القشيري، فأشرك الزهدمان في اسار حاجب، ثم ان حاجبا بعد ذلك ضمن للزهمدين مائة ناقة على ان يخلص بها ذو الرقيبة، وضمن هو على نفسه لذي الرقيبة بخمسمائة فداء لنفسه يخلص ذو الرقيبة بحاجب وافتدى منه حاجب. ودفع ذو الرقيبة إلى الزهمدين كائة ناقة، بعد ان كاد ان يقع بين الزهمدين، وذي الرقيبة شره.

قال: وكان معقر بن اوس بن جماز البارقي، في يوم شعب جبلة على فرس له فلحق به سنان بن أبي حارثة المري، فأسره، ثم جعله كفيل نفسه فخلى سبيله، وكان سنان حين خلى عنه معقر اعطاه الموزاثيق بالذي جعله على نفسه، وقد كان معقر اراد قتله؛ فقال له قومه: اطلقه، فأنه سيد قومه، وسيدج القوم لا يكذب، ولا سيما مثل سنان. وخاله في قومه وشرفه، فخلاه معقر عنه وكفله بنفسه.

فلما انقضى يوم شعب جبلة، بع ث المعقر اليه يطلب نعمته عند سنان بعدما انتظره فجحدها سنان، ولم يبعث اليه بشئ فقال المعقر في ذلك يهجو سنان بن أبي حارثة المري:

متى تك في ذبيان منك ضيعة ... ولا يجحدنها الدهر بعد سنان

وظل يمينا بحسن ثوابه ... لكم مئة يحدو بها فؤسان

مخاض أؤديها وجل لقائح ... واكلرم منوى منكم فراتان

فجئناه للنعمى وكان ثوابه ... رعوب ووطيا حاذر مرفان

وظل ثلاثا يسأل الحي ما يرى ... يؤامرهم فيناله املان

فأن كنت هذا الدهر لا بد منعما ... فلا تبعثن الكشف في غضفان

وقال نعقر بن اوس بن جماز البارقي، في يوم شعب جبلة، وما كان من امرهم:

من آل شعثاء الجدود البواكر ... مع الصبح قد زمت بهن الاباعر

وحلت سليمى بين اثل وهضبة ... فليس عليها بعد ذلك قادر

وما برحت بالاون حتى بدا بها ... على الماء من اضرام ذبيان حاضر

وخبرها الرواد ان ليس بينهما ... وبين قرى نجد ونجران ضامر

فلو كان مدوا قبل الامر للفتى ... كمدبرة الفتية لا يؤامر

يهيبك الاسفار من خشية الردى ... وكم قد رأينا من ردى لا يسافر

فالقت عصاها واستمرت على النوى ... كما قر عينا بالاياب المسافر

وصبحها املاكها بكتيبة ... عليها إذا اضحت من الله ناظر

معاوية بن الجون ذبيان حوله ... وحسان في جمع الديار يكاثر

وقد جمعا جمعا كأن نبالهم ... جراد سفى في هبوة متطاير

ومروا بأطناب البيوت فرلدهم ... فوارس امثال الليوث مساعر

يفرج عنا كل ثغر نخافه ... جواد كسرحان الالية ضامر

<<  <   >  >>