وقال غيره: وقَيْسٌ وَعْيلاَنُ إذا ما تَقَيَّسا وكان عاد بن عَوْص بن إرم بن سام بن نوح، وعبيل بن عوص أخو عاد بن عَوْص، وثمود وجَديس وعِمْليق وطَسْم وهود وقحطان ويَعْرب عَرَباً لِسَانُهم العربية، وهم العرب العَارِبَةٌ، وغيرهم من العرب يسمى العرب المتعربة لدخولهم فيها، وإنما أنطق الله يَعْرُب بن قحطان باللسان العربي حين تَبَلْبَلَت الألسنة بَبَابل. كما ذكرنا. فخرج في ولده ومن اتَّبعه عن بلاد العِراق وهو يُريُد اليَمَن، وأنشأ يقول:
أنا ابن قحطان الهمام الأقْيل ... الأيمن المعرب ذي التهلل
يا قوم سيروا في الرّعِيل الأوّل ... أنا البَدِيّ باللسان المُسَهّل
المنطق الأبين غير المُشْكِل ... فَسِرْتُ والأمة في تَبِلْبْلِ
مجرى عين الشَّمسِ في تهمل ولما أنطق الله يَعْرُب بالعربية علمها الناس، ولم يكونوا يفهمونها حتى أفهمهم إياها يعرب بن قحطان، وروى عن أبي ذر وأبي هريرة، أنهما سألا النبي صلى الله عليه وسلم عن عدد الأنبياء عرّبِهِم وعَجَمِهم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الأنبياء سُرْيَانيُّون وعَرَبيُّون، فيهم أربعة من العَرَب، هُودٌ وشُعَيْب وصَالِح ونَبِيُّكَ يا أبا ذَرَّ.
وروى عن حذيفة بن اليمان وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رَوَوَا عنه عليه السلام أنه قال: كان أبونا آدم عليه السلام نَبِيّاً سُرْيانيا حَرَّاثاً، وكان إدريس عليه السلام نَبِياً سُرْيَانياً خَيَّاطا، وكان نوح عليه السلام نَبِيَّاً سُرْيَنِياً نَجَّاراً. وكان هوداً عليه السلام نَبِيَّا عَرِبيَّا حَرَّثاً.
وكان شُعَيَبَ نَبِيَّاً عَرَبيْا راعياً. وكان صالح نَبِيَّا عَرَبيَّا. وكان إبراهيم نَبِيَّا بَزَّوِيَّا وفي نسخة بَزَّاراً.
قال: وسار ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح لولده وقال:
أنا الفتى الذي يُدعى ثمودا ... يا قوم سيروا ودعوا التَّردِيدا
لعلنا أن نُدْرِك الوُفُدا ... فنلحق البادي لنا الصِّنْديدا
ابن ابينا يعربُ الحَمِيدا فنزلوا الحِجْرَ إلى قرح، وهو وادي القرى، وبينهما ثمانية عشر ميلا فيما بين الحجاز والشام، فأقاموا بها إلى أن بعث الله نبيه صالحا عليه السلام فأُهْلِكُوا بعَقْرِهم النَّاقة.
وسار جديس بن عابر بن إرم بن سام بن نوح في ولده ومن اتَّبعه، وأنشا يقول:
أنا جديس والمُبَوَّا المسلكا ... فّذتْك نَفْسِي يا ثَمُودُ المهلكا
دَعَوْتَني وَقَدْ قَصَدْتُ نَحْوَكَا ... إذ سارت العيسُ فأبْدت شخصكا
وسار طسم بن لاوذ بن سام بن نوح وولده ومن اتَّبعه، وأنشأ يقول:
إني أنا طَسْمٌ وجدي سام ... سام بن نوح وهو الإمامْ
لما جفاني الأخ والأعمام ... قلت لنفسي الحَقِي سوام
أخاك عَمْلِيق ذوي الإقْدام ... وخلفي يافث وآلُ حَامْ
فنزلوا أيضاً جوّ إلى البحرين إلى عُمَان، وإنما سُميت جَوّ اليمامة، باليمامة بنت شَيَمْ بن طسم.
وكثرت جَدِيس وملكها الأسْوَدُ بن غَفَّار، وملك عمليق طَسْمَ وجَدِيس، وكان جباراً عاتيا، يبدأ بالعروس قبل زَوْجها، ففعل ذلك بعُفَيْرةَ بنت غَفّار، فخرجت من عنده وهي تقول:
لا أحد أذَلّ مِنْ جَدِيس ... أهكذا يُفْعَل بالعَرْوس
فغضب أخوها الأسود وبايع قومه على الفَتْك بِعَمْليق وأهل بيته، فدعاهم إلى طعامه، ثم وثب به وبِطَسَم فَقَتَلهم وقال:
جاءت تميُس في دَم حميس ... كالريح في هشهشة اليبيس
يا طسم ما لاقيت من جديس ... فحق لك الويل فهيسي هيس
وهرب رجل من طسم يقال له رباح بن مرة، فاستغاث بذي حَسّان ابن تُبَّع الحِمْيَري ملك اليمن، فاستنجده، فسار وسار ذو حسان في حمير إلى جوا اليمامة، فقتل جديسا واخرب اليمامة وقال رباح الطَسْمي:
غَدَرَ الحيُّ جَدِيسَ بِطَسْم ... من دايُن ومدين
فأتْاهُم بيوم كيوم ... تركوا فيه مثلما ما تركوني
ليت طسما على منازلها تعلم ... أن قد قضيت عني ديوني
فَبَادَوُهم ذو حَسّان بن تُبَّع عن آخرهم.