للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسار عملاق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح بولده ومن اتبعه وأنشأ يقول:

لما رأيت الناس في تبلبل ... وسار منا ذو اللسان الأول

وجَدّمِنّا في اللحاق الأطول ... فسرت طُرَّبا السوام المهمل

ونزلوا أكناف الحَرام، ونزل بعضهم مِصْر، ومنهم الفراعنة.

وسار جُرْهُم بن قحطان بولده. وكانوا سيادة. إلى أن نزلوا مَكَّة، وقال مُضَاَُ بان عمرو الجُرَّهِمُيُّ:

هذا سَبيلي كَسَبيل يَعْرُب ... البادئ القول المبين المُعْرب

يا قَوْمُ سِيُروا غيْر فِعِل الأخْيب ... جُرْهُم جدي ثمَّ قحطان أبي

ثم لما كثُرت العماليق بأرض الشام سارت منهم سيارة عليهم السَّمَيْدَعُ بن هوين بن مازن بن لأي بن قَنْطُور بن الكَرْكَر بن حيان وهو يقول:

سيروا بني كركر في البلاد ... إلى أرى ذا الدهر في فساد

قَد سَار مِن قحطان ذُو الرشاد ... جُرهُم لما هدها العباد

فنزلوا الماء الذي أخرج الله لإسماعيل. ولم يعرفوا بذلك الموضع ماء. فسألوا أمّ إسماعيل في النزول معها في أسفل الوادي، فأذنت لهم، فسكنوا به وتَزَوجَّ إليهم إسماعيل، وتعلم اللسان العَرَبي منهم، فصار في ولده.

وروى أبن قُتيبة، عن أبي حاتم، عن الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء قال: تسع قبائل: طَسمٌ، وجديس وجهينة وصُحَيم - ويقال بالخاء والميم - وخثعم، والعماليق، وقحطان، وجُرهم، وثمود.

وحدث الأصمعي، عن أبي الزناد، عن رجل من جُرهم قال: نحن بَدو من الخلق لا يشاركنا أحد في أنسابنا - يقول: من قِدمها - فهؤلاء قُدماء العَرَب الذين فَتَق الله ألسنتهم بهذا اللسان العربي وأنبيائهم عربٌ، وهم، هود، وصالح وشُعيب، ومحمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين وقال الله عز وجل) وَمَا أرسَلنا مِن رَسول إلا بلسان قومه ليبين لهم (وهو اللسان العربي الذي أنطق الله به آدم في الجنة، وهو كلام الملائكة، وكلام أهل الجنة إذا صاروا إليها ودخلوها، وهو قول الله عز وجل) والملائكة يدخلون عليهم مِن كُلَّ بابٍ سلامُ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار (.

وقد روي عنه أيضاً صلى الله عليه وسلم أنه قال لسلمان الفارسي: يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك. قال سلمان: يا رسول الله كيف أبغضك وبك هداني الله؟ قال: لا تبغض كلام العرب فتبغضني، وهو كان كلام آدم في الجنة، فلما غضب الله عليه وأُخرج من الجنة وأُسكن الأرض أُنسيه، فما تاب وتاب الله عليه تكلم به صلى الله عليه وسلم.

وقد روى عبد الملك بن حبيب الأندلسي، عن عبد الله بن المغيرة، عن ثور بن يزيد بن خالد بن مَعدَان، عن كَعب الأحبار أنه قال: أول من نَطق بالشعر آدم عليه السلام حين أُهبط إلى الأرض وقتل ابنه قابيل ابنه هابيل فقال:

تَغّضيرت البلادُ ومَن عَلَيها ... فَوجَهُ الأرض مُغبَرُّ قبيح

تغير كل ذي لون وطَعمٍ ... وقل بشاشة الوجه الصبيح

وقتل قابيل هابيلاً أخاه ... فوا أسفاه مضى الوجه المليح

ويا أسفا على هابيل ابلى ... قتيلا قد تضمنه الضريح

وجاورنا عدو ليس يفنى ... لَعِين لا يموت فنستريح

فهتف به ابليس لعنة الله فقال:

تنحَّ عن البلاد وساكنها ... وفي الفردوس ضاق بك الفَسيح

وكنت بها وزوجُك في رخاء ... وقلبك من أذى الدنيا مريح

فما انفكت مكايدي ومكري ... إلى أن فاتك الثمن الربيح

فلولا رحمة الجَّبار أضحى ... بكفك من جنان الخلد ريح

<<  <   >  >>