قال كعب: لما طال بعد آدم عليه السلام حُرَّف اللسان العربي فصار سُريانياً، وإنما نسب إلى أرض سورى وهي أرض الجزيرة وبها نوح عليه السلام وقومه قبل الغرق، وهو يشاكل اللسان العربي، إلا أنه مُحرَّف، وهو لسان أهل بادية الجزيرة غير من بها من العرب اليوم، وليس في جميع الألسن لسان إذا حوَّلته إلى اللسان العربي ما توافق ألفاظه من المقدم والمؤخر اللسان العربي إلا السرياني، وهو لسان جميع من كان في السفينة ما عدا رجل منهم يقال له جُرهُم كان لسانه اللسان الأول وهو العربي وهو أحد الستة والثلاثين رجلا الذين كانوا مع نوح في السفينة سوى ولده - قال عبد الملك بن حبيب. وكان ابن عباس كذلك يقول، وزيد ابن أسلم.
قال وكعب: فلما نزل نوح ومن معه من السفينة انتشروا في الأرض، وتزوج إرم بن سام بن نوح بعض بنات جُرهم، فمنه صار اللسان العربي في ولد إرم بن سام بن نوح، فولد إرم بن سام بن نوح عَوص بن إرم، وعابر بن إرَم، فعاد بن عَوص، وثمود بن عابر.
قال كعب: وباد جُرهم الأوّل وذريته، وسمي بعض ولد عاد باسمه جُرهم لأنه جَدَهم من قِبل الأم، وهو من ولد قحطان، ولذلك كان لسان جُرهم الأول عربيا، لأنه من ولد عَاد بن عَوص بن إرم بن سام بن نوح، وبقي اللسان السرياني في ولد ارفخشذ بن سام بن نوح فلذلك كان لسان ابراهيم عليه السلام، وكان من قبل ابائه سريانيا، لأنهم من ولد ارفخسذ بن سام من نوح وليسوا من ولد إرم بن سام بن نوح.
تمّ الأول. يتلوه أنسابُ العدنانية.
وسمَّيته كتاب مُوضّح الأنساب، لما أوضحت فيه من شكل ما ألتبس من الأنساب، وأختلف فيه علماءُ جهابذة النُّساب، ونظمته بابا إلى باب، ليعرف موضعه من الكتاب، وأتيت فيه بأسماء القبائل التي اختلف فيها، وما قيل في ذلك من الأشعار، وأثبت الحجة على من ادعى ذلك، وأوضحتها عليه بالذي قَدَرتُ من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - ما ستراه في أسماء القبائل المتَّفقة أسماؤهم من القبائل اليمانية والمَعَدَية، وأسماء الجماجم، والجماهير، والمختارات، وأسماء الأرجاء والأثافي والجَمَرات، وجعلته جامعا لما يُحتاج إليه من علم الأنساب إذ كان علم الأنساب يلزم كل من كان من قبائل العرب، ومن انتحل شيئا من فنون الأدب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: تعلموا من أنسابكم ما تصلوا به أرحامكم ولقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تعلموا النسب تصلوا به أرحامكم، ولا تكونوا كنبط السواد إذا سُئل أحدُهم من هو؟ قال من قرية كذا وكذا.
وروى عن جُبير بن مُطعم قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر يقول: تَعَلمُوا أنسابكم، وصلوا أرحامكم، فوالله إنه ليكون بين الرجل وبين أخيه، ولو يعلم الذي بينه وبينه من مثاب الرحم وقرب دخيلة النسب لردعه ذلك من انتهاكه.