والأمم لا تزال تستخدم أنواع الأساليب لإثارة الهمم، وتقوية العزم وتوليد العقيدة الراسخة للاستماتة، كاستعمال خطابات، واذاعة نشرات، وركون الى تهييج عداء سابق وتذكير به، ونظم أشعار حماسية ... وإلا فالقوة والعدد الكاملة ليس فيها ما يكفل النجاح، وإنما يجب أن تقوى الروح في التفادي والتهالك في سبيل الدفاع الوطني ...
وهذه الحالة النفسية لا يجرد منها البدوي كما لا يجرد المدني ... !! والنزاع لا يقتصر على الكلأ والمراعي، ولا لسوء معاملة من المجاور، ولا من جراء انتهاك حرمة دخيل، فقد يكون من جرائم قتل، أو من تعرض لعفاف ... مما لا يحصى ... ! والغزو من أشهر أسباب حروبهم ...
والعمارية تتخذ لها (عطفة) كما مر وهو هودج خاص، ويعمل من خشب، ويغطى بريش النعام، وله شكل معروف عندهم. والآن ليس له وجود في القبائل إلا عند ابن شعلان ...
والمعتاد عند القبائل ان من تذهب عطفته في حرب كأن استولى عليه العدو لا يستطيع أن يأخذ عطفة غيرها ... وذلك ما دعا أن تنعدم من جميع البدو، ولا تستعاد إلا أن تكون القبيلة أخذت عطفة عدوها وغنمتها، فيحق لها أن تتخذ عطفة جديدة ...
وقد انعدمت العطفة من اكثر القبائل، بل كلها. فاعتاضوا عنها ب (العمارية) في سائر القبائل ما عدا الشعلان..
وتعد العمارية من أكبر الوسائل لاستنهاض الهمم، وتويتها بعد الفتور والضعف وخور العزم ...
وهوادج النساء غير العطفة: الحصار.
ظُلة.
كن. وهو نوع هودج، أو هو مرادف له، ويسميه الزراع (باصور)
[٧ - الغنائم]
في المثل البدوي (من طوّل الغيبات جاب الغنائم) فإذا تم الحرب أو الغزو بالربح والغنيمة فكيف تقسم الغنائم وتوزع بين الغانمين؟ يكون هذا تابعاً لما اتفق عليه القوم أو جروا عليه. والرئيس، أو العقيد إذا كان شجاعاً وبصيراً بأمر الحروب أخذ المرباع المعروف قديماً، أو حسب ما اتفق عليه مع الذين غزوا معه ... وهؤلاء لا يشترط أن يكونوا من فخذ واحد، أو من قبيلة، بل قد يتجمع اليه أناس مختلفون لا يجمع بينهم إلا قرابة بعيدة، أو مجاورة، وقرابة قريبة ... والكل على الغريب والبعيد الذي ليس بينهم وبينه عهد ... وهكذا.. ولكن في حالة العداء والمنافرة بين قبيلة وأخرى، أو قبائل مع معاديتها كانت الجموع تابعة للقدرة، وقد مرّ بنا ما تعتبره عنزة، وتسمي كل الف أو ما قاربه (جمعاً) ، وكان له قاعدة أو زعيمة ...
والغنائم تابعة في قسمتها الى احكام عديدة، ومختلفة تبعاً للمقاولات، أو المعتاد في امثالها والكل تابعون للعقيد المسمى (منوخاً) وهذا العقيد من حين سلموا اليه القيادة صار يتحكم بنفوسهم وأرواحهم فهو مطاع، بل مفترض الطاعة، لا يعصى له قول ... ! وهو الذي عناه شاعرهم:
وقلدوا أمركم لله دركم ... عبل الذراع بأمر الحرب مضطلعا
نعم ان امره حاسم، لا يقبل تردداً، وهو في الوقت نفسه يشاور اصحابه الذين يجد في آرائهم فائدة فيمضي دون تردد، ويقطع فيما يرون القطع فيه ...
وغالب المنازعات، والأثرة نراها تظهر عند تقسيم الغنائم، والاختلافات تؤدي الى مراجعة العارفة، والحلول قطعية اذا كانت من (منها) ، أو تقبل عادة النظر اذا كانت صحيحة وطريقها معتاد ... والعارفة في امثال هذه ربحه وافر، وغنيمته انما تكون وافرة عند حدوث النزاع على الغنيمة ... وهكذا. والغنائم في الغزو غيرها في الحروب الحاسمة كما مر في قصة (حصة) ...
[٧ - قسمة الغنائم]
وهذه نوضح فيها بعض المصطلحات ثم نصير الى طريق قسمتها ...
- جماعات الغزو: وهذه متفاوتة جداً بالنظر لمقدار الغزاة وهم: الركب. ويقال للعشرين فما دون.
الجمعه. جيش على ذلول وهم من مائة الى ألفين.
السربه. مثل الركب إلا أن أصحابها فوارس يركبون الخيل دون الابل.
اللواء. ويقال له (البيرك) . وهذا للرؤساء يقودون الالوف.
الراكضة. وهي في مقام الجمعه من الخيالة من مائة الى ألفين.
ويسمى بالجمع ما كان (ألفاً) أو نحوه، وفي المثل (يامحورب حورب) قال: (تلاقت الجموع) .
- العقيد: ويسمى المنوخ اذا كان عقيد الجمعة، وهذا يتولى قيادة الجمع أو أقسامه المذكورة أعلاه، ونصيبه متفاوت على ما سيجيء.
- الخشر: وذلك بأن يتفق الغزو على ان تكون الغنائم لجميع الغزاة ... ولقسمتها قواعد تابعة لنوع الغزو وماهية الغنائم ...