الكثيرون من عبدة ركنوا الى الزراعة ونوعا مالوا عن البداوة الى الحياة الريفية وان كانت لا تزال عاداتها مألوفة لهم ولا يودون أن يتركوا منها شيئا. وللمحيط تأثيره الخاص، في نسيان الغزو والحروب ولا ينكره أثره على سجاياهم وأخلاقهم وروحيتهم..!! أوصاف شمر: يصفهم قومهم والمجاورون باوصاف عديدة اشهرها: الطنايا.
زينو المحازم.
طيار الشاف.
عيون الحصن.
عقبان ديم.
[خلاصة تاريخية]
في قبائل شمر عرفنا مما مر اصل قبائل شمر، وتفرعاتها، والاندغام فيما بين الأفخاذ وبين المجاورين والسكان الأصليين.. وهذا هو تاريخها الحقيقي، وبيان وضعها الواقعي، وهكذا يقال عن تاريخ تجولها وورودها العراق.. ومثل هذا آدابها وعاداتها وسائر تقاليدها وأحوالها الأخرى، وفي ذلك تاريخ للقبيلة وهو سيرتها الناطقة..
وبتثبيت هذه الجهات نكون قد علمنا تطوراتها وتاريخها ... وأما تدوين وقائعها التاريخية بالنظر للحكومة، أو للقبائل الأخرى فالقسم الأكبر منه يعود لتاريخ العراق ويطول بنا التعرض لهذه والتبسط فيها هنا، وبذكرها يحصل تكرار لمواضيع التاريخ ...
ذلك ما دعا ان نترك هذه لتاريخ العراق والاشارة احياناً الى بعض الحوادث، وان اهمالها، او الاشارة اليها لا يعني إلا ارجاء البحث الى التاريخ وان الضرورة ماسة الى بيان العلاقات العشائرية مجموعة ودرجة اتصالها بالشعب والحكومة معاً.
واعتقد ان هذا كاف لمعرفة تاريخ القبيلة.. وفي ضمن ذلك تدخل العادات والآداب والأحوال الروحية مما يجب ان يخص القبيلة أو القبائل التي تشترك في صفات واحدة أو متماثلة وسيجيء بحثه.
والملحوظ أن شمر جاءت وقائعها التاريخية في أوائل القرن الثاني عشر، فان غانم ابن حسان منهم، ورد ذكره في حوادث سنة ١١١٨هـ - ١٧٠٧م وحوادث الأسلم جاءت سنة ١١٥٢هـ - ١٧٤٠م وزوبع عرفت وقائها سنة ١١٦٩هـ - ١٧٥٦م ورئيسهم كان بكر الحمام. والغرير كانوا معروفين في القرن الحادي عشر. وكل هؤلاء سبقوا شمر الجرباء. ومثلهم شمر طوقة..
جاء شمر آل محمد (الجرباء) على اثر تسلط آل سعود على الجزيرة وكان ذلك في اوائل القرن الثالث عشر الهجري والخرصة معهم، وفي هذا التاريخ كان ورود الضفير، وعنزة.. وان تحقق تيار الهجرة لبعض قبائلهم والفروع التي تمت اليهم حصل قبل هذا الزمن بكثير..
وهكذا تواتر سيل هذه القبائل فكان آخرهم وروداً قبيلة سنجارة وميل هذه الى العراق حصل بتواريخ متوالية تبتدئ من اوائل القرن الثاني عشر للهجرة او قبله، وكادوا يستكملون الهجرة والنزوح الى هذه الأنحاء، ووجدوا من يرحب بمجيئهم ويرغب في تكامل جموعهم للتناصر بهم وللقرابة النسبية، كما ان آخرين عارضوا وقاوموا حتى حصل الاستقرار. والرغبة مصروفة الى ان ميل الأقسام الأخرى من هذه القبائل كان يجري لأدنى فرجة يرونها في صفوف العشائر بركون جماعات منها الى الزراعة او الى القرى والمدن فتخلو البادية لهم دون مناع، او بمقاومات قلت أو كثرت.. ولولا بعض الأحوال غير الاعتيادية لرغب البعض في المجيء الى العراق لما تقدم، ولآمال اخرى غير هذه..
والأسباب الداعية للهجرة لا تقف عند المحل والغلاء الذي يحدث أحياناً، ولا العداء القبائلي، وانما هناك تدافع على السلطات وامارات القبائل، أو السيطرة على الجزيرة كما وقع لابن سعود. او ان فروع القبائل مالت الى ارياف العراق وارادت ان تقوى وتعتز باقاربها ومن لها علاقة نسبية وصلة بها فحسنت الأمر، وصارت ترحب بالنازحين افراداً أو جماعات فلا تمضي مدة حتى يستكمل الفخذ عدده، أو القبيلة رجالها وهكذا..
وأمراء قبائل شمر كان من اسباب هجرتها ان رأى امرائها من آل سعود ما لا يحبونه، وشاهدوا ما لا يرضونه، أو بالتعبير الأصح لم تقو هذه القبائل على حب النظام المطلوب، وارادت ان تكون سلطتها لنفسها دون ان تصير تابعة ... فمالت الى العراق، ووجدت مناصرة من الحكومة من جراء عدائها لابن سعود آنئذ من جهة، ولكسر شوكة قبيلة العبيد من جهة أخرى..