٤ - الفخذ: ويقال له (البديدة) وجمعها بدايد والفندة وجمعها (فند) وكذا يقال له (بيت) كما تقدم. والفخذ في الاصل عدة بيوت من جد قريب لا يكاد يتجاوز الجد الخامس في الاغلب. وهذا تابع لكثرة النفوس، ولظهور من ينال مكانة ويحصل على مقدرة شخصية ومواهب مؤهلة حتى يكون رأس بيت او فخذ جديد.
ونرى التلازم والتكاتف بين افراد هذه البيوت والتضامن بينهم قوياً جداً فالمسؤولية الشخصية للواحد على الآخر متجلية في هذا ... كما ان التكافوء في الحقوق ظاهر ... ومن ثم تتضاءل الرابطة حينما تعلو وتقل وحينئذ يكون التكاتف في المصلحة العامة والاحوال التي تخص القبيلة او العشيرة ...
ومن هنا ساء ظن من زعم ان هؤلاء وحوش لا جامعة تجمعهم ولا رابطة تربطهم، وانهم بيوت مبعثرة في الصحراء. واننا لنعجب ممن يكتب ولا يعرف حقيقة ما يكتب وإنما يقرأ بعض المباحث من المغرضين ويتخيلها حقيقة فيبني عليها اوهاماً من عنده ومطالعات فاسدة من رأيه فيحسب انه قطع جهيزة كل كاتب وخطيب ... والحال ان الفخذ في تضامن وتكاتف وفق ترتيب معهود لديهم وشكل منظم معروف ... وركنه الركين الاحتفاظ بحياة الجماعة، والتكاتف للشر غير مقصود ... فهو ضمان الجماعة، ودعامة بقائها، وأس صلاحها..
وعلى هذا الفخذ تترتب الاحكام التالية: ١ - الدية. هو المسؤول عنها لحد خمسة بطون أو أظهر أو ان الكل مسؤولون كما هو معتاد كثيرين من القبائل المحدودة في موطن وترى الضرورة تدعوها الى هذا التضامن فشاعت في الكل وصارت نظاماً لهم ... وحينئذ لا تقتصر المسؤولية عند الأقرب فالكل مطالبون ... ومن مؤيدات هذه الفكرة ان قاتل قريبه مسؤول شخصياً تشديداً للعقوبة عليه مع الجلاء وما ماثل ...
٢ - الحلال بخمسة أيضاً أو المسؤولية المالية.
٣ - الوسكة (الوسقة) تجري على هؤلاء المسؤولين وتشدد على السارقين من الأقارب أوالجيران لعين السبب المذكور في الفقرة الأولى.
وأمثال ذلك من المطالب عن الجناية الشخصية أو المالية ...
ويلاحظ هنا ان بعض الأفراد قد يجلى أو يرحل الى قبيلة أخرى لأسباب كثيرة فيحافظ على مكانته ويؤسس له اسماً فينسى جذمه الذي درج منه. وحينئذ لا يمكن أن نعده فرعاً من فروع القبيلة أو بيتاً من بيوتها وانما نعلم اجمالا انه من تلك القبيلة. وهذا وقع كثيراً في مواطن متعددة ... واذا كان نسي أصله فيعد من هذه القبيلة الأخيرة ...
ملحوظة: قد شاعت التسمية بالبيت، وكذا بالعشيرة أو القبيلة باسم مؤسسها أو من اشتهر أمره منها. وقل من تسمى باسم غيره إلا أن يكون بنبز كسنجاره وآل الجرباء ... ولم تعرف التسمية الى المواطن إلا قليلا وهذا قد يكون للفصل بين المواطن والأماكن فيما اذا تفرقت القبيلة كأن يقال شمر الجبل وشمر الجزيرة ... الخ بصورة عامة وإلا فأكثر القبائل تنسب الى جدها وتعرف باسمها ...
والأقوام الأخرى كالاثوريين والكرد، والترك، إنما تعرف قبائلهم باسمها الأصلي المعروفة به وبقريتها أو أرضها التي تحل فيها، وهذا هو الغالب فيهم ... ولا يؤمل الاطلاع الى ما هو شبيه او مماثل لما عند القبائل العربية من تفريع وافخاذ ... وإذا عرف هذا في الرؤساء فهو وقتي ولمدة. والترك اقرب الى الأوضاع القبائلية في بداوتهم ...
[٥ - العشيرة]
وتتألف من عدة أفخاذ أو بيوت وتعيش مجتمعة بالوجه المتعارف ... أو قد يتفرع الفخذ الواحد الى عدة أفخاذ فرعية بناء على تقادم العهد في بناء البيت فيتكاثر أفراده ويتشعبون بتزايد نفوسهم وحينئذ يتسمى ما كان قد تسمى بالفخذ أو البيت (بالعشيرة) . وهذه قد يتساهل في تسميتها فيقال لها (قبيلة) ولكن المعروف أكثر هو ما قدمنا وقد يقال (الفريق) إذا كان جزءاً من القبيلة وغير منفك عنها ... وهؤلاء الأفراد متكافؤون في الحقوق ومتساوون وتجمعهم صلة القرابة أو ما يدعى (بالعمة أو العمومة) وهنا يقال للفريق (جمعاً) حينما يبلغ الف بيت باصطلاح عنزة وشمر في غالب الأحيان. وإلا فعندما عشائرنا يقال لجملة بيوت تسكن في موطن فريقاً. و (نار الفريق) منه.