للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- " لو ببطني فر فريت "! يريد أنه لم يقتل أحداً من فر ولو كان قتله لفر منهم وهرب فصارت مثلا!! فتحاكموا الى العارفة بأمر من الرئيس فكان العارفة قد سمع بينه مذود المذكور وهو المهتم بالقتل في انه كان قد هوى على الفري بالسيف الا أن قطعة الرمح من آخر هي التي أزالت أم رأسه وقتلته. ومن ثم توجهت الخصومة على من شهد عليه الشهود.

[٧ - البدوي لا يورد عليه شاهد]

من أغرب ما اعتاده البدو انهم لا يبرهنون على دعاويهم الجزائية ببينة أو شاهد ... وإنما يطلبون اليمين رأسا وهذا عام فيهم وذلك فيما عدا توجيه المطالبة فانها تسمع فيها الشهود ... وقد رأيت بعضهم لم يحلف لأنه كان قاتلا واعترف وآخر طلب أن لا تسمع بينة عليه فلم يلتفت الحاكم وانتهره قائلا هل انتم أولياء ولا يقبل شاهد عليكم؟ فكان جوابه اننا كلنا خصوم، جمعان تقاتلنا فلا يصح أن يشهد بعض أعداءنا علينا.

فلم يجد منه إذنا صاغية! فطلب ان يحيل القضية الى العارفة ومن ثم يرى رأيه فيما يطلب ... ! فوافق، وكان العرافة لم يطلب سوى اليمين.

ومن الأدلة على ان البدوي لا يورد عليه شاهد قصة (لو ببطني فر فريت) المارة. ورأيت مبرد بن سوكي رئيس الربيعيين من شمر قد عين السبب في ان الدعاوي بأوضاعها تجعل كل واحد يتحرى عن الشهود، وتسوق الى الكذب، وأساساً لا يلزم القاتل وحده فلا يحلف كذباً قطعاً فلا محل للركون الى الشهادة ... !

[٨ - الفصل]

طريقة حسم النزاع كما في الأمثلة المارة يقال لها الفصل. وهذه الطريقة يجبر عليها البدوي من جانب الرئيس، أو يلجأ إليها أحياناً دون الاستعانة بقوته خشية الفتنة، والخوف من وقوع حوادث قد تجر الى ما لا تحمد عقباه بين القبائل أو بين القبيلة الواحدة ... على ما قيل:

وجرم جره سفهاء قوم ... فحل بغير جارمه العقاب

وهذا لا يسير على قاعدة معينة؛ وإنما يختلف بالنظر لعرف كل قبيلة والقبائل المجاورة لها ... والعارفة لا يمضي على قانون أو قاعدة مطردة، وإنما يجب أن يكون ملما بما هنالك من سنن ومن خلاف بين عرف كل ...

إننا نرى وحده في ماهية الوقائع. وتقارباً في صور الحل، ولا يكون مشتركا من كل وجه، وإنما فيه خلاف، والملحوظ أن هذا الخلاف أما أن تكون ولدته القوة، والضعف وتحكم المجاورين، أو تباعد العرف بسبب أن كل قبيلة عاشت في موطن غير موطن الأخرى ... وهناك جهات مشتركة هي التي نتناول موضوعها ولكننا سوف لا نهمل خصوصيات بعض القبائل، وما يجري بينها من قواعد الحل ... إلا أننا هنا نشير الى معتاد القبائل بصورة عامة كما ذكرنا ذلك سابقاً ... وغالب ما يعد جريرة في قبيلة فهو جريرة في أخرى وإن تفاوتت العقوبة أو اختلف مقتدار الضمان ...

[٩ - الحوادث التي تستدعي الفصل]

الجرائر أو الجرائم معتبرة نوعاً عند الكل، ولا يفرق بين قبيلة وأخرى إلا في بعض الأحوال وهذه أشهر الحوادث التي تستدعي الفصل: القتل.

السرقة والنطل.

الجروح والشجاج.

الحشم.

العقود.

النهوة.

الوسكة الى آخر ما هنالك.

وهذه في غير الغزو، وفي الغزو يستحكم العداء وذلك أن الأرض وإن كانت مباحة إلا أن كل قبيلة لها مواطن رعي وكلأ، وحما ... وكل هذه لا يجتازها كل واحد ولا يمر منه بل دون ذلك خرط القتاد ... إلا أن يتدخل المصلحون، ويجري على يد الرؤساء والعوارف في صور الحل بعد الاتفاق على الاساس ... وفي المثل (هفا من وفى) . وأما قسمة الغنائم فقد اشير اليها فيما سبق وهذه تستدعي الرجوع الى العارفة ويحدث من جرائها اختلافات كبيرة. لأن الغانمين بعد أن يستولوا على المال تتعلق به حقوق هي في الحقيقة أشبه بالمحرزات من صيد وغيره وتتنازعها أيدي الغانمين في بعض الأحوال. وأما في الشريعة الغراء فالغزو المعروف غير مقبول بوجه بل هو نهب صريح وغارة ... على اموال الغير ... والحكم به مما ينافي الشرع الذي يحث على حفظ الحقوق وإيصالها الى اهلها ومراعاة العدل في حسم القضايا المتعلقة بها وامحاء الاجحاف والغصب وتعويض ما يصيبه التلف من الأموال ... ذلك ما دعا ان يندد الشارع بالعرف من هذا القبيل في آية " أفحكم الجاهلية يبغون ".

والفصل يكون في المطالب الآتية: الدية، أو الودي.

التعويضات والحقوق.

<<  <   >  >>