وآخر من له بأس قوي يدعى بهاء الدين بن جمال الدين ابي علي، وأمراء غير هؤلاء ممن ينطوي في طاعتهم ... " اه. وقال في المسالك ومنهم فقهاء يعتمد في الفتوى عليهم، وينضم اليهم شرذمة قليلة العدد تسمى باسم قريتها " بالكان " (١) والتفصيل في تاريخ اربل. وعلى كل كانت لهذه القبيلة المكانة العظيمة في السعة والقدرة والقوة والفقه والزهد ... هذا ما علمناه من ماضيها.
ولا شك أن قبيلة ميرباساك تعد من أمراء هذه القبيلة للعلاقة المذكورة أعلاه.
[١٤]
- إمارة صوران
أو عشيرة ميران بكي إن صوران في الأصل بقعة خاصة في لواء اربل، فتوسعت، وأطلقت على ما بين الزابين ولفظها محور من " سرخ " بمعنى أحمر لحمرة في صخورها. فينطق به في لهجة الكرد ب " صهر " أو " سهر " أو " صور ". وجاء ذكرها في نصوص تاريخية قديمة أقدم بكثير مما بينه صاحب الشرفنامة، فقد ورد في الكتب العربية " سحر "، والقوم السحرة كما في المسعودي ...
وأقدم نص عثرنا عليه قد توسع في ذكرها ما جاء في مسالك الأبصار قال: " ويلي يسار وأعمالها وتل حنتون وبلادها " بلاد السهرية " المشهورين باللصوصية وهي من بلاد شقلاباد (١) والدربند الكبير. وهم قوم لا يبلغ عددهم ألفاً، وجبالهم عاصية، ودربندهم بين جبلين شاهقين يشقها الزاب الكبير ... وهم أهل غدر وخديعة، وقبائل شنيعة، ولا يستطيع المسافر مدافعتهم فيه ... أميرهم الحسام ابن عم قميان. ويجاورهم الزرارية ... " اه (١) .
ومن هنا نعلم أن إمارتهم هذه لم يتعرض لها صاحب الشرفنامة، وتوضح أن التسمية بصهران قديمة أقدم مما ذكر، وإن البقعة الخاصة لم تكن تطلق على ما بين الزابين. وقد بين صاحب الشرفنامة تحليل لفظها وقال: إن أحد أبناء العرب في بغداد وهو كلوس كان قد سكن قرية هوديان من نواحي أوان من أعمال سهران. وكان مصطلح اولئك القوم أن من سقطت أسنانه الأمامية " ثناياه ورباعياته أو احداهما " يقال له " كلوس " وقد استخدم راعياً. وكان من أولاده " عيسى " قد تبعه جماعة من الأوباش لما رأوا فيه من سخاء، وميل الى الإمارة، وبسبب عدائه لأمير تلك الأنحاء، قد اتفقوا على أن يكون أميرهم فاجتمع حوله كثيرون، فتوجه نحو " بالكان "، فقبلوا امارته. وكانت في أنحائها الصخور حمراء وصاروا يلقبونهم ب " سنك سرخي ". ومن كثرة الاستعمال بلهجة الأكراد ان سرخ يقال له " سهر "، واشتهروا ب " السهرانيين "، داخل هذا اللفظ التحوير على مرور الأيام فقيل " سوران "، أو " صوران "، و " سهران " أو " صهران " ...
ومن هناك تولدت الامارة وعلا سعدها. ولا شك ان صاحب الشرفنامة يقصد الإمارة التالية لسابقتها، وتوالى منها أمراء منهم شاه علي بك، وبعده ببربوداق ابنه، ثم سيف الدين قد قام مقام والده، ثم وليها أخوة " مير حسين ". وهذا توسع حكمه. وكان قد خلفه عز الدين شير، فتصرف باربل، وكان أميرها أيام السلطان سليمان القانوني، فأمر بقتله لما رأى أن قد بدر منه بعض الأوضاع التي لم يرتضها وأنعم السلطان باربل على حسين بك الداسني أمير اليزيدية.
ومن ذلك التاريخ أي من سنة ٩٤١هـ اختلت أمور الصهرانيين إلا أنهم لم يخلوا من جدال ومن استعادة لملكهم أو بعض أجزائه، وقد أوضح صاحب الشرفنامة أحوالهم الى سنة ١٠٠٥هـ، وعين ما حصل من مقارعات بينهم وبين اليزيدية، وعد من آخر أمرائهم في أيامه علي بك ابن سليمان بك (١) . وهكذا لم ينقطع حكمهم إلا أنه كان في نطاق ضيق لا سيما البابانيين ثم ظهر محمد باشا الراوندوزي ببسالة لا يزال الكرد يتغنون بها، وإن الأديب الفاضل المرحوم السيد حزني كان يقول بالعلاقة والصلة لهذا الأمير بالصهرانيين السابقين، ولم أجد ما يعين ذلك من نصوص، وقد أبدى أنه كان لديه بعض الوثائق الموصلة كما أشرنا الى ذلك، وله كتاب في إمارة الصهرانيين قد طبع، والمهم أن نجد وثائق منصوصاً عليها. وتعرض في كتاب التعريف بمساجد السليمانية لذكر الراوندوزي (٢) .