وكان الاستاذ المستشرق الجليل (هـ. ريتر) ذكر لي جملة من كتب الانساب المهمة منها مختصر جمهرة الأنساب لابن الكلبي في راغب باشا برقم ٩٩٩، وسلسلة الأنساب في لالا اسماعيل برقم ٣٤٧، وجامع الأنساب في خزانة وهبي البغدادي برقم ١٣٠٥ قال الاستاذ ولم أر الكتابين الأخيرين. وبحر الأنساب للسيد ركن الدين حسن منه نسخة في كوبريلي برقم ١٠١١، والاستبصار في أنساب الأنصار في الخزانة العامة باستنبول برقم ٥٢٣٥.
وهناك (كتب أدبية) و (تاريخية) تعرضت للعشائر وبعض أحوالها. وفي نصوصها ما يعين الفروق وكلّها تكشف عن أحوال العشائر. وجاء في معجم البلدان: " صنّف المتقدمون في أسماء الأماكن كتباً وبهم أهتدينا. وهي صنفان. منها ما قصد بتصنيفه ذكر المدن المعمورة والبلدان المسكونة المشهورة. ومنها ما قصد ذكر البوادي والقفار واقتصر على منازل العرب في أخبارهم وأشعارهم ... (الى أن قال:) وأما الذين قصدوا ذكر الاماكن العربية، والمنازل البدوية فطبقة أهل الأدب ... (عدد الكتب وقال:) وهذه الكتب المدونة في هذا الباب التي نقلت منها. ثم نقلت من دواوين العرب والمحدثين وتواريخ أهل الادب ... ومن أفواه الرواة وتفاريق الكتب. وما شاهدته في أسفاري، وحصلته في تطوافي أضعاف ذلك ... " اه (١) .
وفي هذا توجيه للاشتغال، بل فيه بيان مواطن عشائرنا الحاضرة الا اننا نستدل منها على تاريخ تنقل العشيرة وحاجتنا تدعو الى استنطاق مؤلفات كثيرة. والعشائر لا تختلف في أصولها. وتبدل الموطن لا يغير أصلها. ونرى كلّ هذا لا يفي بالغرض. فالعشائر الريفية تختلف عن البدوية. فهي في مطالبها مهمة. ومن جهة أخرى ولدها القدم والتفرع فصارت لها فروع أستقلّت بأسماء جديدة. وهذا ما يبعد الشقة عن أصل العشيرة فينسى. والصعوبة كلّ الصعوبة في ارجاع الفروع الى اصولها.
وعلى كل نرى الموضوع وافر المراجع لا سيما ما يتعلق ببعض العشائر الكبيرة وفيه توجيه للباحثين في عشيرة أو جملة عشائر من نجار واحد في أستقصاء أحوالها، واستيعاب أخبارها.
ولا ننازع في اختلاف وجهة النظر فالأمر ليس مما ينصرف اليه كلّ أحد، وانما يتطرق اليه الخطأ من وجوه.
وكلّ ما أقوله أن حياة الأرياف جديدة بالنظر للبدو. أتصلت بمحيط غريب عنها وبأوضاع غير مألوفة لها، فرأت صعوبة في القبول، ولكن الاستمرار والنسل الجديد مما يجعلهم يكتسبون أوصافاً منتقلة ممن سبق في هذه العيشة. ومهمتنا تدوين الفروق ومعرفة حقيقة ما عليه أهل الأرياف حتى في آدابها وعاداتها مع مراعاة الاتصال بأهل الحضر وما أدى اليه من تبدل يتوضح لنا من أصل القبيلة وما عليه هذه الفروع من الدخول في الارياف.
[المباحث]
عشائر الأرياف كثيرة جداً، وتجمعها (القحطانية) ، و (العدنانية) . و (المتحيرة) قليلة. والمثل العربي (من آل وبني) يضرب للقدم. فأن (آل) و (بني) أي هذا التقسيم قديم فالقحطانية تمت الى (آل) ، والعدنانية الى (بني) . ولا تخرج عشيرة عن هؤلاء.
ففي العشائر الجنوبية يستعمل (آل) بما نقصده من (بني) ومن أولاد أو أسرة أو ذرية، في حين أننا نستعمل آل بمعنى (الأسرة) . وأما (البو) فيراد بها لدى القبائل القحطانية معنى (آل) أو (بيت) عند العدنانية. وفي أنحاء العمارة والكوت والجهات الفراتية يراد بالبيت ما نريده من الفخذ أو (البو) بلا فرق. وكذا عند العدنانيين يراد ب (البو) عين ما يراد عند القحطانيين الا أنه تمدّ همزته فيقال (آلبو) . و (آل) عند القحطانية يراد به عين ما يراد من (ال) . ولكل أستعماله.
ومباحثنا تتناول (آل وبني) أي القحطانية والعدنانية. وكلّ واحد من هذين الجذمين يتفرع الى عشائر عديدة جدا لها مزاياها وخصائصها. فالقحطانية تتناول الزبيدية والطائية وما يتصل بهما ويتكون هذا المجلد منها. والعدنانية ينطوي تحتها المنتفق وربيعة وما يمت اليهما. ومنهم يتكوّن المجلد الرابع.
ولا شك ان الاختلاط أدى الى تغلب الاكثر من العشائر على الآخر