للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت قبائل طييء وزبيد هناك فدفعوهم ومال هؤلاء الى انحاء العراق وسورية وغيرها. والظاهر ان قبائل طييء (سكان أجأ وسلمى) كان بينها خصام وخلاف فحالف قسم منها قبائل قحطانية جاءت من انحاء اليمن فانتصر على عدوه ومن ثم استقل في السلطة وصارت له الرياسة على قبائله والقبائل المتحالفة معه. والكل يرجعون الى القحطانية فأن طيئاً من قحطان ايضاً. فصار الكل يدعى باسم البطن (شمر) المنتصر على عدوّه وقيل للجميع (شمر) تغلبياً وإلا فلا تزال قبائل (عبدة) من شمر تمت الى القحطانية رأساً، وقبائل (الاسلم) الى طييء. وكذا (قبائل زوبع) .

هذا هو الذي نراه جمعاً بين المحفوظ والنصوص المنقولة من طريق التاريخ.. وبسبب هذه الوقائع الوبيلة تمكنوا من ازاحة قبائل زبيد وقبائل طييء الاخرى كما مر.. ورئيس قبائل زبيد آنئذ واميرهم يقال له (بهيج) ويعد في نظر القبائل الزبيدية جداً لها، والحال انه كان رئيساً والى هذا اشار الشمري مفتخراً بهذه الوقعة والانتصار على القبائل الاخرى بقوله:

وكبلك (١) بهيج حدّروه السناعيس ... من عكدة ماتحلحل كناها (٢)

يريد أن يهيجاً المذكور كان قبلك وقد أصابته الضربة القوية منا فأنزلناه من أجأ وسلمى (جبلي طييء) فلا نخشاك ولا نبالي بك وأنت أقل قدرة منه ... ويراد بالسناعيس الذين ينتخون بالسنعوسية وهم قبائل مهمة من شمر ...

وقولون بتكرار ان لفظ (شمر) ليس اسماً لقبيلة باعتباره جداً لها وإنما هو ناشيء عن الايعاز المذكور.

وأرى الذي أوقع في اللبس النقل المتقدم عن السويدي لأنه لم ينسبهما كما نقل عن الحمدانمي للسبب الذي ذكرته والحال انني نقلت في ما سبق في قبائل العراق القديمة عن نشوان الحميري ما نصه: " بنو شمر بطن من طييء " إلا أنه لم يصلهم بالبطون المعروفة. ويفسر هذا ما جاء في تاج العروس: " وشمر أيضاً اسم رجل قال امرؤ القيس:

فهل أنا ماش بين شوط وحية ... وهل أنا لاق حي قيس بن شمرا

قال الصاغاني: قال ابن الكلبي قيس بن شمر وأخوه زريق ابنا عم جذيمة ابن زهير بن ثعلبة بن سلامان الطائي. " اه.

ومن هنا ظهر انهم بطن مستقلة وعرف طريف اتصالهم. وهذا جاء مؤيداً للمحفوظ الذي اتفقت كلمة المؤرخين عليه من أنهم من طييء، وتبين أنه اسم جد ...

ان شمر من طييء وبالاتفاق مع بعض القحطانية أزاحوا طيئاً وزبيداً وحلوا محلهم.. واشتهرت تسميتهم بشمر وتغلبت على القحطانية، والكل الآن لا يفرق بينهم ويعدون من شمر، إلا أن القحطاني منهم معروف.

هذا مع العلم بأن التسمية بشمر كانت شائعة عند العرب فلم يبق مجال أن يقال أنه ناشيء عن الايعاز فهم بطن من طييء، وعرفت مكانتهم بين البطون المذكورة سابقاً ...

٢ - بيت الرياسة (الجرباء - آل محمد)

كانت الرياسة ولا تزال في (آل الجرباء) وهم (آل محمد) من طييء قطعاً. ولم تفقد منهم الرياسة ولم تتحول إلى اليوم. أما امارة ابن رشيد فانها لم تؤثر على سلطتهم، وإنما كانت امارة ابن رشيد صولة وسطوة واسعة، لم ينالوها في سالف أيامهم وكانت وقتية ولأمد، وبانقراض آل الرشيد استمرت الرياسة في آل محمد ودامت فيهم. وسنوضح امارة الرشيد في موطنها.

والجرباء نبز وصل إليهم من أمهم، والعرب لا يزالون يتنابزون بأمثال هذه يقال أنها أصابها (مرض جلدي) فتركها أهلها ورحلوا إلى موطن آخر ثم تعافت فلزمها هذا الاسم. ومن عادة البدوان يتركوا المصاب بالجدري وما ماثله ويرحلوا عنه حتى يبرأ أو يموت تخلصاً من عدواه ويراقبونه من بعيد ويضعون له ما يحتاج من أكل وشرب. وقبيلة أمهم على ما هو معروف، محفوظة وهي من الفضول من طييء (من بني لام) .

ومن القبائل القديمة التي سميت باسم أمها حندف، وبجيلة، وقبائل عديدة ... وهذه التسمية أما لغرابة في الاسم، أو لنبز كما تقدم. وستمر بنا أمثلتها الكثيرة. وقد اتخذ هذه التسميات بعض أعداء العرب وسيلة للطعن بالأنساب ومن لاحظ تكوّن الأفخاذ، فالعشائر، والعمائر، والقبائل، وحدوث النبز لأدنى علاقة وسبب.. قطع لا وجود للأمومة (الطوتمية) عند العرب ... ولا أثر لها في مدوّناتهم، وإذا كان هناك شيء قبل التاريخ لم نشاهد بقاياه ...

<<  <   >  >>