أنت وانا من غفيلة أنة عجوز وقفت بالمتاريس وقد وجدت ابنها قد ذهب وحليلته معه فابدلوا الطرب بالهلاك. ويلى على قالة صفوق ويا طول ويلي عليه، فاجد سرة قلبي تتقطع تقطيعاً حزناً عليه، وألماً لمصابه ... ولما غبت عنا يا ابن اخي سبيلة ذهب السعد عن ديارنا والذكريات المشرفة، وصرنا نجفل جفلة الصيد ونرتع رتيعه خائفين وجلين، ونحن كقطيع المعز لا رئيس لنا ...
ولم نتمكن من ايراد جميع ما قيل فيه من المدح في حياته. فان ذلك يحتاج الى سعة زائدة والى طول اقامة في البادية. وقد كتبنا ما حضرنا من محفوظات البدو وغاية ما يقال فيه انه خلد صيتاً مقروناً بالكرم والشجاعة والعز، واعاد للعرب مجد شجعانهم الأقدمين وطيب اخبارهم.
[١٧ - فرحان باشا]
هذا ابن صفوق. وكانت وجاهته عند الحكومة رفيعة. ولم يقع له من الحوادث ما يكدر صفو الأمن ولا عرفت منه معارضة للحكومة. وان الحكومة العثمانية انعمت عليه برتبة باشا وكان قد ذهب مع ابيه صفوق مبعداً الى الأستانة كما ذكر. والمعروف عند البدو انه صاحب بخت (حظ) . ويدعو البدو دائماً ببخته فيقال (يا بخت فرحان) .
وكانت مشيخته وعلاقته ببغداد. وله راتب منها وهو في خدمتها للأمور المدلهمة ...
نعم انه سالم الحكومة. ولذا راعت جانبه ورضيت عنه. وكان يساعد الحكومة اذا كان قريباً منها أو أخوه عبد الكريم اذا كان الحادث قريباً من ارفه ...
وقد ترك فرحان باشا اولاداً كثيرين وقد بينّاهم عند ذكر سلسلة بيتهم.
[١٨ - عبد الكريم]
وهذا ابن الشيخ صفوق. اشتهر اسمه ونال مكانة معروفة وكانت مشيخته في ارفة وله راتب. وهو أخو فرحان باشا. ويعرف (بالشيخ) فالقبيلة تعرف هذا شيخها فسمي أولاده (بالشيوخ) وقد شنق سنة ١٨٦٨م بعد ان احاق بالموصل خطراً ... وقد اتخذت الحكومة التدابير للوقيعة به بعين ما قامت به في حادث صفوق او قريب منه ...
وهذا ترك محمداً، وعبد المحسن، وصفوقاً ولهؤلاء أولاد.
ومما قيل في عبد الكريم:
عبد الكريم اليارجب يعبوبه ... ليجن رجله عند الكفا عايبه
جده من امه من موارث حاتم ... وابوه شيال الحمول النوايبه
حامي الرمك معطي الرمك ... له هدة تكثر بها الجنايبه
لو يكضب الياكوت ما عيابه ... تلكى الندى بين الحاجبين رايبه
يقول: كأن عبد الكريم قد عيبت رجله حينما نراه راكباً جواده، وجده لامه من ذرية حاتم وابوه القائم بالاعباء الثقيلة، حامي الخيل، ومعطي الصواهل، وان هدّته (صولته) تكثر فيها الجنائب (الغنائم) ، ولو امسك على الياقوت لما حرص عليه، وتجد الكرم معتاده ...
ومما قاله فجمان الفراوي من المطير في عبد الكريم:
نبي ناخذ على الهجن سجه ... من بين ابو بندر وبين الامام
ونبي ناخذ على الهجن هجه ... لديار سمحين الوجيه الاكرام
ترى الكرم ما به عجه ولجه ... ولا احد يغالطهم جنوب وشامي
مكابل الجربان فرض وحجه ... هل السيوف اللي تكص العظام
قال نريد نأخذ شوطاً على الهجن (الابل) بين ابي بندر وبين ابن سعود الامام، ونبغي نمضي بهن غارة ملحاحة الى ديار سمحي الوجوه الكرماء. اعلم ان ملاقاة الجربان (آل محمد) فرض وحجة، وهم اصحاب السيوف التي تقطع العظم..
وان ولده فارساً عاش أيضاً مسالماً للحكومة ومراعياً جانبها وهو شيخ شمر في انحاء سورية، صاحب مقام رفيع هناك. وممن جمع صفات الرجولة والدهاء وحفظ الوقائع الماضية وعلاقة القبائل الأخرى بهم ولكنه دائماً يود ان يظهر علو قبيلته على سائر القبائل ...
؟ ١٩ - فارس
هو ابن صفوق (١) ووالد مشعل باشا. كان قد جاء عالي بك والي طربزون السابق ومدير الديون العمومية بسياحة رسمية الى بغداد دوّنها في كتابه المسمى (سياحت زورنالي) (٢) المحرر باللغة التركية والمطبوع عام ١٣١٤هـ - ١٨٩٧م كان قد كتبه كرحلة عن سنة ١٣٠٠هـ - ١٨٨٣م الى سنة ١٣٠٤هـ - ١٨٨٧م مبيناً ما رآه في طريقه من الأستانة الى بغداد فالهند (٣) . قال: