الحمد لله الذي خلق الخلق فاختار منهم العرب الخ. وهو مفيد من جهات عديدة ونافع في موضوعه، ويؤخذ على مؤلفه أنه حوّل كتاب القلقشندي المسمى (نهاية الأرب في أنساب العرب) الى مشجر فهدم وضعه، وغيّر شكله مما أدى إلى نسبة كل قبيلة الى مشاركتها باللفظ من القبائل القديمة التي لا تعرف لها هذه الصلة والقرابة وإنما كان لمجرد الموافقة بالاسم، وفاتته عشائر كثيرة قديمة السكنى في العراق، أو حديثة النزوح إليه ... لمجرد أنه لم يتمكن من إيجاد علاقة لها بالقبائل القديمة ... وقد سبقه كثيرون في ترتيبه هذا، وكان الأولى أن يرجع الى المشجرات من نوعه ... وفيها ما يفي بالغرض ... ولعله لم يعثر على بغيته، أو ما يوافق رغبته.. وهنا نراه راعي أنساب القلقشندي مع أنه مصري بعيد عن عشائر العراق وأصولها لضعف علاقة عشائر العراق بمن هناك. اعتمده وطبقه على العشائر العراقية فذكر ما ذكره، وأهمل ما أهمله ... وبهذا تغير الوضع التاريخي.
قال المؤلف:" أحببت أن أجعله - نهاية الأرب - على ترتيب مخالف لترتيبه، وأسلوب مغاير لاسلوبه، وذلك بأن أوصل آخر القبائل بأوائلها، بخطوط تمتد من الآباء إلى أبناءها ... وزدت عليه كلاماً كثيراً ... " اه.
والمؤلف لم يستطع القيام بما رسمه، ولم يطق وصل العلاقة بين العشائر في الماضي والحاضر، وكثير مما بينه غير صحيح، أو مفقود الصلة ومقطوع ببطلانه كما نرى عن طيء في صحيفة ٥٨ و٥٩ منه فإنه أوصلها بصلة غير صحيحة، والمدونات التاريخية ومحفوظات القبائل لأنسابها تخالفه في كثير منها، ولم يبين علاقة خزاعة بالموجودين اليوم، وهكذا في حرب وقبائل أخرى. ولما رأى الحمداني لم يذكر شيئاً عن أصلها عدها من المتحيرة.
ومن هذا الكتاب نسخة خطية من مكتبة المرحوم نعمان خير الدين الآلوسي من مكتبة الأوقاف العامة برقم ٢٧١٧ ليس فيها تاريخ ولكنها متقنة. طبع على الحجر في بغداد في أواخر شهر رمضان لسنة ١٢٨٠هـ - ١٨٦٤م.
والمؤلف من آل السويدي في بغداد الأسرة التي لها مكانتها العلمية في الماضي من أيام الشيخ عبد الله السويدي المتوفي سنة ١١٧٠هـ - ١٧٥٧م والسياسية والحقوقية في الوقت الحاضر، ورجالها المعروفون اليوم الأساتذة ناجي السويدي، وعارف، وتوفيق، والطبيب شاكر أولاد يوسف السويدي، وترجمة أسرته في المسك الأذفر للآلوسي ... وللكلام على هذه الأسرة الشهيرة موطن غير هذا.
[٢ - عنوان المجد في تاريخ بغداد والبصرة ونجد]
هذا التاريخ لابراهيم فصيح الحيدري المتوفي في ٥صفر سنة ١٣٠٠هـ - ١٨٨٣م فلم يخرج به عمن سبقه، وإنما راعى عين الطريقة تقريباً، وأساساً كان اعتماده على كتابين لا ثالث لهما وهما السبائك ونهاية الأرب للقلقشندي بإضافة بعض الاختبارات الشخصية إلا أنه يلام في أنه عدّ بعض القبائل وبطونها معاً باعتبارها قبائل، أو عشائر لقبيلة واحدة كما أنه راعى اللفظ فنسب الحديث من القبائل لمن له لفظ شبيه به عند القدماء كالسويدي فقد قال عن العبيد أنهم من قضاعة وهم الذين قال فيهم الأعشى حاكياً: ولست من الكرام بني العبيد والغلط ظاهر ومنشأوه ما جاء عنهم في التواريخ من أن آثارهم باقية في برية سنجار من الجزيرة الفراتية آخرهم الضيزن وهم من أهل الحضر فظن أن المراد من العبيد قبيلة العبيد المعروفة اليوم بعامل المكان والمشابهة بالاسم، وأمثال ذلك كثير. وغاية ما يقال فيه انه لم يعين في الغالب الصلات، أو أنه لم يتمكن من ذلك، وكذا ما بين الافخاذ وفروعها، أو الطوائف ودرجة قرابتها ... نعم ان بعض القبائل وإن كانت لا تزال تعتبر من (القبائل المتحيرة) لا تستطيع أن تعد نفسها من أحد الجذمين القحطاني والعدناني بسبب اشتهارها باسمها الحديث ونسيانها علاقتها القديمة، لكنها قليلة جداً فالكتاب كسابقه لم يكن علمياً وإن كانت الاستفادة منها غير محجودة على ما سيبين عند الكلام على القبائل.
أما مواضيعه الأخرى من بغداد والبصرة ونجد من عمارة جسور وأنهار وبيوت قديمة، ومشاهير رجال، فهي مهمة وتتعلق بالقطر العراقي فلا تكاد توجد في غيره وكان ختام تأليفه سنة ١٢٨٦هـ - ١٨٧٥م.