للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه القبيلة يبالغ في كثرتها، ولا يزال منها قسم على البداوة والتنقل، وقسم آخر أهل قرى يقطن في مكان واحد. وأول ما ورد ذكرها في معاهدة السلطان مراد الرابع المعقودة في ١١ المحرم سنة ١٠٤٩هـ، ولم يعرف عنها قبل ذلك، وكل ما ذكر عن فروعها ٤، ولعل هذه هي الفروع التي وقع عليها النزاع (١) ولم نجد تدوينات تشير الى ما كانت عليه. والآن أكثرها في " لواء السليمانية "، وقسم لا يستهان به في ناحية شيروانة التابعة لقضاء كفري من لواء كركوك، وفريق ثالث كبير جداً في أنحاء إيران في " زهاب " والمواطن الأخرى حتى أردلان ونواحيها من إيران.

ولا نرى انتشاراً وكثرة في قبائل العراق الكردية مثل ما نراه في هذه القبيلة وفروعها إلا قليلا فقد زادت نفوسها، وتنقلت في مواطن عديدة بحيث صارت في كل موطن تعد بالألوف ولم يقع إحصاء يوثق به في بيان نفوسها أو يصح الاعتماد عليه لنرجع إليه. والنفوس متحولة في العشائر، غير مستقرة. وهذا لا يمنع أن تكون من العشائر ذات المكانة الكبيرة، والاهتمام الزائد من الحكومات المجاورة. لكثرتها وبداوتها وقوتها. ولوقوعها في الحدود، ولأنها تتردد بين إيران والعراق ففي رحلة الشتاء تميل الى السليمانية والأنحاء العراقية الأخرى وفي رحلة الصيف تذهب الى إيران. مما دعا أن يشار الى القبائل المنازع فيها في المعاهدة المذكورة.

وأكثر ما جاء عن هذه القبيلة من التدوينات نراه في تقرير " تحديد الحدود الإيرانية " المقدم من الفريق درويش باشا في سنة ١٢٦٩هـ والمطبوع سنة ١٢٨٣هـ وسنة ١٣٢١هـ، وفي كتاب خورشيد باشا مكتوبي وزارة الخارجية المسمى " سياحتنامهء حدود " وكان قد رافق درويش باشا فكتب ما علمه بأمر من السلطان وإيعاز من وزير الخارجية بصورة خاصة وكذا جاء عن هذه القبيلة في دوحة الوزراء، وفي " عنوان المجد في تاريخ بغداد والبصرة ونجد " للسيد إبراهيم فصيح الحيدري، وراجعت أيضاً نفس القبيلة وتحققت منها أشياء كثيرة لها قيمتها سواء من رؤسائها أو من أمرائها.

لم نجد من تعرض لوجه تسمية هذه القبائل ب " الجاف " وقد سألنا الكثيرين منهم فلم نظفر ببغية. كانوا في جوانرود، فجاءوا العراق، ولا يزال قسم منهم في " جوانرود ". ولعل " الجاف " منحوت من " جوانرود " نطق به العرب، فعم وشاع ولعل في القراء من يدري سبب التسمية وتاريخه لما قبل المعاهدة الإيرانية - التركية أيام السلطان مراد الرابع فيفيدنا.

والظاهر ان القبيلة لم يكن لها من الشأن ما يستدعي التدوين عنها، وإنما عظم شأنها أيام النزاع بين إيران والعراق. ومن ثم شعروا بوجودهم للعلاقات الحربية بين الدولتين الإيرانية والعثمانية، فكانوا كما يظهر أعانوا الدولة العثمانية، فأدرجوا في المعاهدة تأييداً لولائهم ولما قاموا به من خدمات، والفرق الأخرى جعلت لإيران من جراء عين السبب ... أو لتوطنها إيران وبعدها عن العلاقات السياسية.

ولما كانت الحكومة في العراق عاجزة عن تعقب أثرهم في استحصال البيتية وتسمى " الكودة " " الرسوم المعلومة " فقد اتفقت مع أمرائهم على مقطوع يستوفى بقسطين يؤدى الى لواء السليمانية في الربيع وفي الخريف، وكانت الأقسام الأخرى من هذه القبيلة قبل نحو ٣٠ أو ٣٥ سنة تؤدي ضرائب للحكومة الإيرانية إلا أنها امتنعت من إعطائها خلال المدة المذكورة، كما أن العشائر الإيرانية من الجاف حينما كانت ترد الى أنحاء خانقين ومندلي " بندنيجين " تقوم ببعض الأوضاع غير اللائقة، تعتدي على بعض المواطن فلا تخلو من إثارة زعازع وهكذا أعمال هذه العشائر حينما تذهب الى أنحاء " سنة " من المملكة الإيرانية لا يراعون الحالة الاعتيادية، وإنما يقومون ببعض الأضرار وإثارة الأذى بالرعاية.

وكذلك الأمر في عشائر الجاف القاطنين في لواء السليمانية يمضون الى " صغوق بولاق " المعروفة ب " صاوجبلاق " أيضاً كانت تأتي الى أنحاء إيران المذكورة وتؤدي رسوم المراعي " شاة مرتع " إلا أنها منذ ٣٥ سنة امتنعت عن التأدية، وأنها عدا ذلك لا تخلو من إيقاع اضطرابات، وإحداث غوائل بما يقومون به من حوادث (١) .

<<  <   >  >>