" العبيد من حمير ... ولهم الشجاعة المسلمة لدى القبائل، والاقدام المعروف عند العشائر، وقبائلهم كثيرة منها آل علي، والحربي، وآل حمد، والسعيد، وآل عكلة، وآل هيازع، وآل رياش، وآل طلحة، والكبيشات وغير ذلك من القبائل الكثيرة. ومشايخهم الحمائل (آل شاهر) مقدار خمسمائة فارس. ولا ترى لعشيرة من العشلئر حمائل بهذا العدد. وآل شاهر ليوث الحروب ... وهم من أشراف العرب ... " اه (١) .
وعدّهم الحيدري من بني العبيد الذين أشار اليهم الاعشى بقوله: ولست من الكرام بني العبيد ولا صلة لهؤلاء بهم. وانما هم من العشائر الزبيدية. فأوقعته التسمية ومشاركة لفظها بهذا الغلط. قال انهم سلك من تبع وهم بنو عبيد بن عدي ابن جناب بن قضاعة ... وهذا واضح الخطأ. فالعشيرة لم تحفظ بأسم قديم. وتسميتها متأخرة كتفرعاتها. والا فالنصوص كثيرة على بيان مكانة العبيد (٢) . فهم من عشائر العراق المهمة. ولا تزال محافظة على مكانتها.
وللعبيد من الشعر العامي النايل وهم أشهر فيه من الجبور، والقصيد والركباني، والعتابة وهي أقل.
هذا. وعرف العبيد لا يختلف عن سائر العشائر الزبيدية وسنتعرض له.
٥ - العزة قال الشاعر البدوي:
بني عمرو جمالسيل دفّار ... ولو دفعناهم شوي يعيون
يستاهلون مكنّد البن ببهار ... وحيل عليها النشامى يعجفون
وبنو عمرو العزة وعشائر أخرى من آل سبيع. وعشائر العزة من زبيد الأصغر وهي واسعة النطاق معروفة في لواء ديالى في غالب مواطنه، وقسم كبير منها في لواء بغداد، وآخرون في ألوية الموصل كركوك والحلة والدليم والكوت والعمارة ... وان التشتت أصابهم لاحداث جسام من أهمها الحروب المستمرة بين العراق وايران لوجودهم في الحدود أو بقربها. وكذا القحط وما شابه ذلك.
قال البسام في كتابه عشائر العرب: " سكان جانب دجلة الشرقي بين بغداد وكركوك (العزة) ، ذوو المجد والعزة، والشوق للمكرمات ولا شوق كثيّر عزة. والقول فيهم انهم امام المكرمات، وغمام المعصرات، والأخذ الوبيل لمن ناواهم، والركن المنيع لمن والاهم، ومآل المؤمل رفدهم، وزاد المتحمل من عندهم، وقرة عين الخائف، وفال المستنطف والعائف، فرسانهم خمسمائة، لم يعرفوا الرمي. " اه (٢) .
وأراد الرمي بالبنادق. ومن أشعارهم التي يفخرون بها قولهم:
ياهيه يهل الرمك ... حسّ المحورب صاح
وكروم حمير عدوا ... على الماطلي برماح
يريد يا أهل الخيل الرمك أسمع صوت (المحورب) يدعو الى سوح القتال بأشعاره ونخواته وتشجيعه. (صاح) أي نادي. وعند ذلك لبى دعوته قروم حمير ورجالها الشجعان وعدوا أي هجموا على الماطلي (أهل البنادق) المسمّاة بهذا الاسم وأصل هذا اللفظ (مارتيني) . وكان هجومهم برماح فلم يبالوا. يفخر بشجاعتهم.
ولا يكفي أن نقف عند هذا. وأنّما يهمّنا تاريخ عشائر العزة وما أصابها من تحوّل، أو لحقها من تطوّر. وان التاريخ في حوادث عديدة صرّح بتصريحات وافرة، وان العشائر ليس لنا مرجع في اطّراد التدوين عن وقائعها الا عندما تدعو علاقة بدولة.
ومن النصوص التاريخية التي عثرنا عليها ما ورد قي (الجامع المختصر في عنوان التواريخ وعيون السير) قال: " وفيها - سنة ٥٩٧هـ - وقع في بني عزّة بأرض (السراة) بين الحجاز واليمن وباء عظيم، كانوا يسكنون في عشرين قرية، ووقع الوباء في ثماني عشرة قرية، فلم يبق منهم أحد، وكان الانسان اذا قرب من تلك القرى يموت من ساعته وبقيت ابلهم وأغنامهم لا مانع لها. وأما القريتان الاخريان، فلم يمت فيهما أحد، ولا أحسّ أهلها بشيء مما كان أولئك فيه. " اه (١) .
والقريتان يصح أن تتكاثر وان تزيد نفوسهما للمدة الطويلة التي ذكرها هذا المؤرخ. ومواطنهم بين الحجاز واليمن. ثم انتشروا في أنحاء عديدة. وفي ابن كثير في تاريخه ورد لفظ (عنزة) . وغلط الناسخ أو الطابع فيه ظاهر.
وأقدم من هذا ما ورد في كتاب (اسماء جبال تهامة وسكانها) من تأليف عرّام بن الاصبغ السلمي. جاء فيه ذكر جبال السراة ويسوم، وفرقد، ومعدن البرام، وجبلان يقال لهما (شوانان) واحدهما (شوان) .
وهذه الجبال كلها لغامد ... ولخولان ولعزة (ورد غلطا لعنزة) . اه (١) .