للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - السيرة والتأريخ. وأما السيرة اعني سيرة الرسول (ص) وسيرة الخلفاء الراشدين فانها خير ما يجب أن يلقن هؤلاء وهي أفضل تأريخ وأجل سيرة. وباقي التواريخ مما له علاقة بنا يجب أن يلقن بأيجاز.

٥ - الشعر البدوي وبعض الفصيح. فيختار ما هو أنقى وأصفى، وفيه من الاخلاق الفاضلة ما يبعده عن الاعمال الرديئة، وله مساس بالحياة البدوية.

٦ - أن يبصر بالصيد، والسباق، وتربية المواشي وبعض أمراضها وطرق وقايتها من الامراض وبالمراعي وتنظيمها أو طريق استغلالها.

٧ - الالعاب البدوية وتنظيمها بصورة لائقة.

٨ - معرفة حقوق أهل البادية وواجباتهم نحو الامة والدولة.

ويتم ذلك واكثر تدريجيا باستخدام مدرسين عارفين بأوضاعهم. وغالب أهل المدن أصحاب علاقة بالبدو وللاختيار قيمته ليعلموا أوضاعهم وآدابهم معرفة صحيحة ومن طريق ما يعلمون كعرف القبائل، وبيان المرذول منه، والمقبول مما يدل على حنكة ودقة نظر.

وهؤلاء المدرسون يجب أن لا ينفكوا من الممارسة، وبيان المطالعات، ويختار من آدابهم ما كان نافعا للكل بعد تجارب عديدة بل لا تترك التجارب مرة بعد أخرى، بل تكرر وتناقش في مؤتمرات سنوية. وكل ما نشعر به من بعض يجب أن نسارع في تلافيه واصلاح غلطه. والامل أن نعد ذلك مهمة النجاح، وان نسلك فيها خير الطرق على ان لا نفلت من أيدينا ناحية المعرفة من طريقهم. فأذا تكلمنا في الابل جمعنا ما يعلمون وبصرناهم بما عندنا مما يفيد. وهكذا في الخيل جمعنا حكاياتهم وما عرفناه عنها. وهكذا نمضي في الشعر، وفي المجالس الادبية، وفي الصيد، والسباق، وفي تربية المواشي وإدارة المراعي. والامل أن نعرف نحن ايضا ما عندهم لتتساوى المعرفة. وكثير مما عنهم لا نزال في غفلة عنه. ونريد ان نعلمهم ما يعلمه بعض أفرادهم الافاضل. وفي ذلك توجيه للهدف الاصلاحي، وتدريب للحياة العملية، ونقد للعوائد المرذولة. ومن ناحية أخرى يجب ان نقدم بعض النابهين الى المدن ليتعلموا ويعلموا قومهم أو ان نمضي بهم حتى يتمكنوا من التحصيل العالي، وبالتوالى نكثر من عدد هؤلاء.

هذه الحالة البدوية في الثقافة.

وأما أهل الأرياففهم أقرب الى المدن في كثير من أوضاعهم. فالغفلة عن حياة الأريافلاتقل عن البدو ولا تزال العناية بها قليلة جدا وان كانت غير منعدمة بل زادت العناية بها ولكن من غير طريقها بتطبيق المناهج الابتدائية. وفي هذه يقال ما قلنا في تلك. وهؤلاء أدبهم العامي لا يشبه الادب البدوي. وقد يقاربه أحيانا وفي بعض الاصقاع مما تدعو الحاجة الى أستغلاله. وفيه تقريب من الفصحى أي ان معرفته واستظهاره يقربنا كثيرا من الادب الفصيح. والعشائر الريفية متأثرة به. ولا نريد أن نعين وجوه الاستفادة منه للمطالب الاجتماعية والقومية. وانما كلامنا في الثقافة بوجه عام. والتحول مشهود في البدوي اذا انتقل الى الأرياففلا يلبث أن تزول منه (ثقافة البادية) ، ويكتسب (أدب الارياف) . وهذا ما يدعو الى أن المرء لم يكن مقصورا على نوع من الادب وان الممارسة والمحيط أو البيئة مما تقربه الى المتعارف. وهذا النوع يقرب من الفصحى أيضا. ومن ناحية التأثير تدعو الحاجة الى أن نقتبس البيان من هؤلاء ليكون أدبنا طبيعيا أو سهلا ممتنعا، وأن نخفف من عجرفتنا في أستعمال المجازات لاظهار القدرة فنقرب بيانا من السهل الممتنع.

والسواد الاعظم يتأثر بالعامية وينجذب اليها. وما ذلك الا أنها أقرب الى أفهامهم، فحرمنا أن يكون لكل مقام مقال أو الغفلة عن حكمة كلموا الناس على قدر عقولهم وفهمهم. وللارياف الهوسات، والحسكة، وبوذية، وكذا النايل والعتابة ... كما لهم أمثال مهمة وللبدو القصيد، والحداء، والهجيني، والطواح ... وكل هذه أدبها مهم، ويقرب الى الفصحى بل لا نحتاج الا الى تعديل طفيف ليكون فصيحا.

والبدوي والريفي اذا درسا (قواعد قليلة من النحو) مشفوعة بأمثلة أو أدركوا الامثلة منتزعا منها القواعد القليلة فاقوا أهل المدن في لغتهم. فهؤلاء في آدابهم لامسوا الحياة، فكانت رغبتهم فيه قوية، ونال عندهم مكانة مهمة وان الكلمة الواحدة تقيمهم وتقعدهم. وقد تؤدي الهوسة الواحدة الى اهاجة الحفيظة.

<<  <   >  >>