للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وينبغي للمسلم أن يحذر من الّذين يتّبعون ما تشابه من القرآن وأشكل من السّنّة، قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: " تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: ... {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧)} [آل عمران] قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فإذا رأيت الّذين يتّبعون ما تشابه منه فأولئك الّذين سمّى الله فاحذروهم " (١).

وينبغي للمفسّر لكتاب الله تعالى أن يُحِيطَ بِعُلومٍ تعصم لسانه وقلمه من الخطأ، منها: الصّرف، والإعراب (ويجمعهما اسم النّحو) والرّسم (وهو العلم بأصول كتابة الكلمات) والمعاني، والبيان، والبديع (ويجمعها اسم البلاغة) وعلم أصول الدّين، وعلم أصول الفقه، وعلم أسباب النّزول، وعلم النّاسخ والمنسوخ، وعلم الأحاديث المبيِّنة لتغيّر المجمل والمبهم، إلى جانب معرفة الوجوه والنّظائر، ومعرفة الضمائر ومرجعها ...

وينبغي أن نعلم أنّه يُحْمَد التّفقه في الدّين والسّؤال عن العلم ومعرفة العِلَل إذا كان للعمل لا للمِراء والجدل، ويحمد إذا كان لزيادة الإيمان لا لتفريق القواعد والأركان، ويحمد إذا كان لتصحيح العقائد لا لتأييد مذهب أو إثبات معتقد، فخير السّؤال ما ورّث علماً نافعاً، وخير العلم ما ورّث عملاً صالحاً.

كذلك فإنّه يُحمد أن تحدّث النّاس بما يعلمون لا بما يشتبه عليهم وينكرون، وما أحسن قول عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ: " حدّثوا النّاس بما يعرفون؛ أتحبّونَ أن يُكَّذَّبَ اللهُ ورسُلُه؟! " (٢).


(١) البخاري " صحيح البخاري " (م ٣/ج ٥/ص ١٦٦) كتاب تفسير القرآن.
(٢) البخاري " صحيح البخاري " (م ١/ج ١/ص ٤١) كتاب العلم. وبدأ به البخاري مُعلَّقاً في باب من خَصّ بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا، ثم ذكر السّند من طريق أبي الطّفيل، وهو عامر بن واثلة الليثي ـ رضي الله عنه ـ آخر الصّحابة موتاً.

<<  <   >  >>