للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ... (٦٨)} [الزّمر]، فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون، ثمّ في النّفخة الآخرة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون.

وأمّا قوله: {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ} فإنّ الله يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم، وقال المشركون تعالوا نقول: لم نكن مشركين؛ فختم على أفواههم فتنطق أيديهم، فعند ذلك عُرِف أنّ الله لا يُكتمُ حديثاً، وعنده {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ... (٤٢)} [النّساء] الآية.

وخلق الأرض في يومين، ثمّ خلق السّماء، ثمّ استوى إلى السّماء فسوّاهنّ في يومين آخرين، ثمّ دحا الأرض، ودَحْوُها أنْ أخرج منها الماء والمرعى، وخلق الجبال والجمال والآكام وما بينهما في يومين آخرين، فذلك قوله دحاها، وقوله: {خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} فَجُعِلت الأرضُ وما فيها من شيء في أربعة أيام، وخُلِقت السماوات في يومين.

وكان الله غفوراً، سمّى نفسه ذلك، وذلك قوله، أي لم يزل كذلك، فإنّ الله لم يُرد شيئاً إلاّ أصاب به الّذي أراد، فلا يختلف عليك القرآن، فإن كلاًّ من عند الله " (١).

هذا وينبغي للمسلم أن يتعلّم الإيمان قبل أن يتعلّم القرآن، ففي سنن ابن ماجة بسند صحيح عن جندب بن عبد الله، قال: " كنّا مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ونحن فتيان حزاورةٌ (٢)، فتعلّمنا الإيمان قبل أن نتعلّم القرآن، ثمّ تعلّمنا القرآن فازددنا به إيماناً " (٣).


(١) البخاري " صحيح البخاري" (م ٣/ج ٦/ ص ٣٥) كتاب التّفسير.
(٢) حزاورة: جمع حَزْوَر وحَزَوّر، وهو الغلام إذا اشتد وقوي وقارب البلوغ، والتّاء لتأنيث الجمع " لسان العرب " ابن منظور (م ٣/ ص ١٥٠).
(٣) ابن ماجة " سنن ابن ماجة " (م ١/ص ٨٦) المقدّمة، وإسناده صحيح، رجاله ثقات. وأخرج نحوه البيهقي، وفي آخره زيادة: " وإنّكم اليوم تعلمون القرآن قبل الإيمان " البيهقي " الجامع لشعب الإيمان " (م ١/ص ١٥٢) وإسناده ضعيف؛ فيه الحجاج بن نُصَير الفساطيطي قال عنه ابن حجر: ضعيف كان يقبل التّلقين" تقريب التّهذيب " (ص ١٥٣/رقم ١١٣٩).

<<  <   >  >>