وسأله رجل عن هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ... (١٤)} [التّغابن]، قال:" هؤلاء رجال أسلموا من أهل مكّة وأرادوا أن يأتوا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأبى أزواجُهم وأولادُهم أن يَدَعُوهم أن يأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأوا النّاس قد فقهوا في الدّين هَمُّوا أن يعاقبوهم، فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤)} [التّغابن] "(١).
وبعض هذه المسائل المتقدّمة قديمة مُتَجَدِّدة، فقد روى البخاري عن سعيد، قال رجل لابن عبّاس: " إنّي أجد في القرآن أشياءَ تَخْتلفُ عليّ، قال: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (١٠١)} [المؤمنون] {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٥)} [الطّور].
{وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (٤٢)} [النّساء] {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)} [الأنعام] فقد كتموا في هذه الآية.
وقال: {أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧)} [النّازعات] إلى قوله {دَحَاهَا (٣٠)} [النّازعات] فذكر خلق السّماء قبل خلق الأرض، ثمّ قال {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ... (٩)} [فصّلت] إلى {طَائِعِينَ (١١)} [فصّلت] فذكر في هذه خلق الأرض قبل السّماء.
وقال تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٩٦)} [النّساء] {عَزِيزًا حَكِيمًا (٥٦)} [النّساء] {سَمِيعًا بَصِيرًا (١٣٤)} [النّساء] فكأنّه كان ثمّ مضى!
فقال:{فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} في النّفخة الأولى، ثمّ ينفخ {فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي
(١) التّرمذي " الجامع الكبير " (م ٥/ص ٣٤٤/رقم ٣٣١٧) أبواب تفسير القرآن، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " (م ٢/ص ٤٩٠) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه ووافقه الذّهبي، وانظر " أسباب النّزول " للنيسابوري (ص ٢٤٠).