للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن حِكَم مشروعيَّة استلام الحجر الأسود زيادة على ما تقدَّم ما بيَّنه قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "ليبعثَنَّ اللهُ الحجرَ يوم القيامة وله عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهدُ لمن استلمه بحقّ " (١) وقول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - هذا موافق لقوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (٢) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (٣) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤)} [الزّلزلة] فالحجر الأسود قطعة من الأرض وسوف يحدِّث أخباره.

ولا شكّ أنّ الحجارة تتفاضل كما تتفاضل المساجد والأماكن والشّهور والأيّام والليالي ... وليس لنا من الأمر شيء، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (٣٦)} [الأحزاب] فإذا أُمِرْنَا أن نستلم حجراً استلمناه، وإذا أمرنا أن نضرب بحجر فعلنا، وإذا أمرنا الله تعالى أن نستقبل قبلة استقبلناها، وإذا أمرنا أن نتحوّل عنها إلى قبلة أخرى سمعنا وأطعنا؛ فهذا من كمال الإيمان وتمام العبوديّة لله وحده.

ومهما قيل حول حكمة مشروعيَّة هذه المناسك فالقول الفصل أنّها أمور تعبديَّة يجب التّسليم فيها للشَّارع نؤدِّيها طاعة لله تعالى وتعظيماً لأمره.

* * *


(١) أحمد " المسند " (ج ١٣/ص ١٨٧/رقم ٢٦٤٣) بإسناد صحيح عن ابن عبّاس.

<<  <   >  >>