للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَهْوَى الْأَنْفُسُ ... ... (٢٣)} [النّجم].

فمن قدح في الصّحابة بعد أن جاءه من ربه الهدى، متمسكاً بحجج واهية تمسّك الرّضيع بالظّئر، فأمره إلى الله {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١١١)} [البقرة] وكلّ من خالف الله ورسوله فلا برهان له أصلاً؛ وإنما كلّف الإتيان ببرهان تبكيتا وتيئيساً!

وليس عذراً التّقليد، فالتّقليد الأعمى ذمّ الله به الكفّار في غير آية، ومن الآيات التي نَعَت هؤلاء المقلّدين، وذمّت طريقتهم، قوله تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٧٠)} [البقرة] وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٠٤)} [المائدة] وقوله تعالى: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢)} [الزّخرف] والآيات في هذا المعنى كثيرة، وكلّها تدلّ على منع التّقليد، وضلال متَّبعه سواء قلّد مُحِقّاً أو مُبْطلاً؛ فالمقلّد قد هيّأ نفسه أن يتّبع سبيل التّقليد بعصبيَّة مقيتة، وصدق الله إذ قال: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ... (١١٦)} [الأنعام].

قلت: وليس في كتاب الله تعالى آية تدلّ على عدم عدالة أحد من الصّحابة، ومن قال خلاف ذلك، فهو من وَضْعِ القرآن في غير موضعه، وتفسيرهِ بغير معناه {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٥٨)} [الأحزاب].

ولَرُبَّ معترضٍ من هؤلاء الّذين ما قدروا أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حقّ قدرهم يحتجّ بآية أو حديث في إكفاره لهم، فمنهم من يتعلّل بقول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " ليَردَنَّ عليَّ الحوضَ رجالٌ ممّن صاحبني حتّى إذا رأيتهم ورُفِعُوا إليّ اخْتُلِجُوا دُوني، فلأقولنّ: أيْ ربّ، أُصَيْحابي،

<<  <   >  >>