للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أنفسنا أن لا نبرح " (١).

الثّالث: كيف يَسْكُتُ معاويةُ عن فِعْلَةِ مروان بن الحكم وهي من الموبقات السّبع ولا يحقِّقُ عليه، ويجعله في صفِّه، ويولِّيه إمرة المدينة بعد ذلك؟! وكيف يرضى أهل المدينة بإمرته وفيهم الصّحابة أمثال عبد الله بن عمر، وعائشة ... ، وهذا فيه تخطئة للصّحابة ـ رضي الله عنهم ـ، كما أنّه لم ينقل عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنّها أنكرت على مروان ذلك، ونحن نعلم أنّ مروان كان معها في حادثة الجمل، وكانت في المدينة يوم كان مروان على إمرتها.

الرّابع: لو صحّت هذه الرّوايات من أنّ مروان قتل طلحة بزعم أنّه من قتلة عثمان، فإنّ سكوت عائشة وعليّ يومها على قَوْلِ وفِعْل مروان فيه إقرار بصحّة دعواه من أنّ طلحة من قتلة عثمان! وهذا أظهر ما يردُّها؛ فكيف يقتل طلحة عثمان وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد بشّره بالجنّة؟!

الخامس: أنّ مروان بن الحكم بن أبي العاص من كبار التّابعين، أَرْسَل عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وروى عن غير واحد من الصّحابة منهم عمر وعثمان وعليّ، وروى له البخاري وأبو داود والتّرمذي، والنّسائي، وابن ماجة، وقَرَنَهُ البخاري بالمسور بن مخرمة في روايته عن الزّهري عن عروة عنهما في حديث الحديبية بطوله، فلو أنّ مروان قتل طلحة لكانت من موبقاته الّتي تكفي أن يتوقّف البخاري عن ذكره في صحيحه. ومروان لا يُتَّهم في حديثه ولم يجرِّحْه أحدٌ، ولو كان شيء من ذلك لتداولته كتب الجرح والتّعديل بالتّضعيف.

وفي " تاريخ دمشق " أنّ طلحة أصيب بسهم غَرْب أي أتاه سهم طائش من حيث لا يدري، فلا يُعرَف راميه ولا من أين أتى وهذا هو الرّاجح، قال ابن عساكر: " ... سنة ست وثلاثين وفيها قُتِلَ طلحة بن عبيد الله في المعركة أصابه سهم غَرْب فقتله " (٢).


(١) خليفة " تاريخ خليفة بن خيّاط " (ج ١/ص ١٨٨).
(٢) ابن عساكر " تاريخ مدينة دمشق " (ج ٢٥/ص ١٢٢).

<<  <   >  >>