وكان ابتداؤنا باسم الله الملك الحقّ المبين بترجمة للنَّبيِّ الصّادق الوعد الأمين، ثمّ بصور من نصرته ونصرة أصحابه لهذا الدِّين، وتحمّلهم لأذى المشركين والمنافقين، وبعد ذلك رددت على أبرز شبهات المشكّكين، ولم أتفرّد بالرّدِّ عليها، وإنّما تناولها السّلفُ بما أصابها بالتَّلف، غير أنّ هذه الشّبهات النَّائمة هناك مَنْ يُوقظها ويؤجّجها ويجدّدها، مع أنّها شبهات فارغة فرغت منها الأمّة منذ قرون، ومع هذا جاء من يتعاهدها، ولكن هيهات أيّها السّادرون في الغيّ، أين تذهبون؟!
وقد كان لزاماً أن نردّ خشية أن يقع في النّفس أنّ المبطل محقّ؛ فالسّكوت إقرار! وقد جاء ردُّنا على وجه يرفع الحيرة عن إخواننا المؤمنين ويهديهم إلى الحقّ المبين، والصراط المستقيم، والفضل كلّه لله {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٤)} [الحج].
وقد أثبتّ كثيراً من الكتب التي أفدت منها في دفع هذه الشّبهات وغيرها في آخر هذا البحث لتصرّفي في العبارة، وأدّعي أنّني كثيراً ما زِدْتُ عليها في استقصاء الأدلّة والبراهين فيما أنشد وأبتغي، فجاء الجوابُ واقعاً ما له من دافع.
وقد تحرَّيتُ الحقَّ بالأدلّة والبيّنات، ووثّقت نصوص السُّنَنِ وخرّجت الآيات؛ قياماً بحقّ كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وتصديقاً لقوله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٩)} [الفتح].
وأتبعت ذلك بالذَّبِّ عن الصحابة، بعد أن نَقَمَ عليهم مَنْ نَقَمَ، ووقع في عرضهم من وقع! والصّحابة إذا لم يرض عنهم هؤلاء وأولئك الّذين أجلبوا عليهم بِخَيْلِ أدلَّتهم الواهنة ورَجِلها، فقد {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢)} [المجادلة]، فظهر أنّ الصّحابة كلّهم عدول رغم ما جرى بينهم؛ فقد نصّ الله تعالى على عدالتهم في آيات صريحة يكثر إيرادُها، وصرَّحَ بذلك النَّبيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ في أحاديث صحيحة يطول تعدادها.
وقد حاولت جهدي أنْ أضمّن هذا الكتاب من فنون اللغة وأفنانها، وعلوم الشَّريعة