(٥٣)} [الأحزاب] فإن استحلّوا ذلك فقد كفروا، وإن قالوا: ليست بأمّنا فقد كفروا لأنّ الله يقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ... (٦)} [الأحزاب] فألجمهم الحجّة.
وأمّا الأمر الثّالث: فهو أنّه محا نفسه من أمير المؤمنين، وذلك أنّ عليّاً ـ رضي الله عنه ـ لمّا كتب وثيقة التّحكيم كتب:" هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية " ولم يكتب: هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين عليّ، وظنّوا أنّ مَحْوَهُ لفظَ أمير المؤمنين مَحَاهُ من الخلافة.
فبيّن لهم ابن عبّاس أنّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في صلح الحديبية طلب من عليّ أن يكتب:" هذا ما صالح عليه محمّد بن عبد الله ... " ولم يكن مَحْوه نفسه ذلك محاهُ من النُّبوَّة! فلا يعني عدم كتابة عبارة (رسول الله) التّنازل عن النُّبوَّة، وطالما أنّه مسبوق بذلك بمن هو خيرٌ منه فلا معنى لإنكارهم! فرجع منهم ألفان، وقاتل من بقي منهم بعد ذلك المهاجرون والأنصار على ضلالتهم.
وهذا نَصُّ المناظرة الّتي جرت بين ابن عبّاس والحروريّة، وفيها من الفوائد الشّيء الكثير لمن تدبّرها:
أخرج الحاكم بسند صحيح عن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، قال: " لمّا خرجت الحرورية اجتمعوا في دار، وهم ستة آلاف، أتيتُ علياً، فقلت: يا أمير المؤمنين، أَبْرِدْ بالظهر لعلّي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم. قال: إني أخاف عليك. قلت: كَلَّا. قال ابن عباس: فخرجتُ إليهم ولبست أحسن ما يكون من حُلَلِ اليمن، قال أبو زميل: كان ابن عباس جميلاً جهيراً.
قال ابن عباس: فأتيتهم، وهم مجتمعون في دارهم، قائلون، فسلّمتُ عليهم فقالوا: مرحباً بك يا بن عباس فما هذه الحُلَّة؟ قال: قلت: ما تَعيبونَ عَليَّ؟! لقد رأيتُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن ما يكون من الحُلَل، ونزلت: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ... (٣٢)} [الأعراف] قالوا: فما جاء بك؟ قلت: أتيتكم من عند