للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حكمهم في دمائهم وصلاح ذات بينهم؟ وأن تعلموا أنّ الله لو شاء لحكم ولم يصير ذلك إلى الرّجال، وفي المرأة وزوجها قال الله ـ عزّ وجلّ ـ: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ... ... (٣٥)} [النّساء] فجعل الله حُكْمَ الرّجال سنَّة مأمونة، أخرجت عن هذه؟ قالوا: نعم.

قال: وأمَّا قولكم: قاتل ولم يسب ولم يغنم، أتسبون أمَّكم عائشة ثم يستحلّون منها ما يستحلّ من غيرها؟ فلئن فعلتم لقد كفرتم وهي أمُّكم، ولئن قلتم: ليست أمّنا لقد كفرتم فإنّ الله يقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ... (٦)} [الأحزاب] فأنتم تدورون بين ضلالتين أيُّهما صرتم إليها صرتم إلى ضلالة، فنظر بعضهم إلى بعض، قلت: أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم.

قال: وأما قولكم محا اسمه من أمير المؤمنين، فأنا آتيكم بمَنْ ترضون وأُريكم، قد سمعتم أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية كاتب سهيل بن عمرو وأبا سفيان بن حرب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمير المؤمنين: اكتب يا علي: هذا ما اصطلح عليه محمّد رسول الله، فقال المشركون: لا والله ما نعلم إنّك رسول الله لو نعلم إنك رسول الله ما قاتلناك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللهم إنّك تعلم أنّي رسول الله، اكتب يا علي: هذا ما اصطلح عليه محمّد بن عبد الله. فوالله لرسولُ الله خير من عليّ، وما أخرجه من النُّبوَّة حين محا نفسه، قال عبد الله بن عباس: فرجع من القوم ألفان، وقُتل سائرهم على ضلالة " (١).

وممّا يستفاد من المناظرة أنّ على الدّاعية أن يكون عالماً بالكتاب والسّنّة فقيهاً في الدِّين عالماً بالتّأويل ...


(١) الحاكم " المستدرك " (ج ٢/ص ١٥٠) كتاب قتال أهل البغي. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأخرجه النّسائي في " خصائص أمير المؤمنين عليّ " (ص ١٥٠)، وقال المحقّق: إسناده صحيح.

<<  <   >  >>