للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحلف له " (١).

ومن دلالات الحديث أنّ عليّاً ـ رضي الله عنه ـ كان عنده عِلْمٌ من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يتعلّق بقتال الخوارج وعلاماتهم، وكان عنده علم بأنّه مقتول وأنّ قاتله أشقى القوم.

وفي الحديث الكَفُّ عن قتال من يعتقد الخروج على الإمام ما لم يناصبه القتال، وما لم يسفك الدّم الحرام، لقول عليّ: " فإنّهم قد سفكوا الدَّم الحرام " وفيه كراهة عليّ لقتال أهل الشّام ورغبته في قتال الحروريّة لأنّهم وراء كُلِّ شَرٍّ، فلا يستبعد أن يكون لهم يد في قتل عثمان، وإيقاع الفتنة في الجمل وصفّين، وآية ذلك رفضهم التّحكيم في صفّين الّذي فيه حقن لدماء المسلمين، وإصرارهم على مواصلة قتال أهل الشّام خشية أن يصطلح الفريقان على دمائهم، بعد أن فُضِحَ أمرُهم وظهر من أفعالهم وأقوالهم ما أخبر به النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -.

وورد في علاماتهم الّتي يُعْرفون بها أنّهم قوم يحلقون رؤوسَهم ويتيهون عن الصَّواب ولا يهتدون الطّريق الحقَّ، أخرج مسلم عن سهل بن حُنَيْف عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: " يتيهُ قومٌ قِبَلَ المشرق مُحَلَّقَةٌ رؤوسُهم " (٢).

وقد أخبر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حياته أنّ عليّاً سيقاتلهم، أخرج أحمد بسند صحيح عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إنّ منكم مَنْ يُقاتل على تأويله كما قاتلتُ على تنزيله، قال: فقام أبو بكر وعمر، فقال: لا، ولكن خاصفُ النَّعل، وعليّ يخصف نعله " (٣).

ووردت لهم علامات أُخَر، والكتاب ليس موضوعاً لاستقصائها، أمّا الّذي أحدثه هؤلاء حتّى قاتلهم عليّ، فزيادة على ما تقدّم ذكره ذهبوا إلى إكْفَارِ الصحابة وإكفارِ من لا يعتقد معتقدهم وأنّه مباح الدّم والمال، وأنّه خالد مخلّد في النّار، وانتقلوا من القول إلى الفعل فقتلوا الصَّحابيَّ الجليلَ عبد الله بن خبّاب بن الأرتّ، وكان والياً للخليفة عليّ على بعض


(١) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٤/ج ٧/ص ١٧١) كتاب الزّكاة.
(٢) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٤/ج ٧/ص ١٧٥) كتاب الزّكاة.
(٣) أحمد " المسند " (ج ١٠/ص ١٠٨/رقم ١١٢٢٨).

<<  <   >  >>