للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنزلوا الشّأمَ، فَقُرِّبتْ إليها دابّةٌ لتركبها، فَصَرَعَتْها؛ فماتتْ " (١).

ويكفي معاوية ـ رضي الله عنه ـ أنّ سيرته في الجهاد في عهد ابن عمّه عثمان ـ رضي الله عنه ـ وعهد من قبله ـ رضي الله عنهم جميعاً ـ ذائعة مشهورة، فقد غزا الرّوم غير مرّة، وهذا يبين كذب من زعم أنّ عثمان ـ رضي الله عنه ـ كان يحابي قرابته، أو أنّه كان يولّي قرابته؛ فالّذي استعمل معاوية ـ رضي الله عنه ـ على دمشق هو الفاروق عمر ـ رضي الله عنه ـ، فلمّا آل الأمر إليه أقرّه عثمان ـ رضي الله عنه ـ لعلمه بفضله.

أمّا الحديث الّذي يتعلّقون به على عثمان ـ رضي الله عنه ـ أنّه قال: " لو أنّ بيدي مفاتيح الجنّة لأعطيتها بني أميّة حتّى يدخلوا من عند آخرهم" (٢) فهذا الحديث إسناده ضعيف لانقطاعه.

ومن أبرز أعمال معاوية ـ رضي الله عنه ـ إنشاء ديوان الخاتم، واستحداث البريد، وتنظيم الصّوائف والشّواتي (٣)، وإنشاء مراكز لصناعة السّفن البحريّة، والتَّصدّي لثورات الخوارج، ونشر العدل والاستقرار في الولايات الإسلاميّة ...

وكان معاوية ـ رضي الله عنه ـ محبوباً في إمارته، لعلم رعيّته بفضله وعلمه وحلمه وجهاده وعدله ... ولما كانوا ينعمون به من الرَّخاء في عهده، فهذا كلّه جعل منه أميراً محبوباً للنّاس ومحبّاً لهم، وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " خيار أئمّتكم الّذين تحبّونهم ويُحبُّونكم، وتصلُّونَ عليهم وَيُصَلُّونَ عليكم، وشرار أئمّتكم الّذين تُبْغِضونهم ويبغضونَكم وتَلْعَنُونَهُم ويلْعَنُونكم " (٤).


(١) البخاري " صحيح البخاري " (م ٢/ج ٣/ص ٢٠٣) كتاب الجهاد والسّير، وأخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، وأخرجه مسلم في " صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ٧/ج ١٣/ص ٥٧) كتاب الإمارة.
(٢) أحمد " المسند " (ج ١/ص ٣٥٢/رقم ٤٣٩).
(٣) أي تنظيم الجيوش الّتي كانت تغزو الدّولة البيزنطيّة صيفاً وشتاءً.
(٤) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ٦/ج ١٢/ص ٢٤٥) كتاب الإمارة.

<<  <   >  >>