للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها قبل إسلامها، كونها شهدت أحداً وحرّضت على قتل حمزةَ عمِّ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بعد أن شَقَّ عليها قَتلُ أخيها الوليد في وقعة بدر، وبعد أن أفجعها حمزة ـ رضي الله عنه ـ بقتل عمّها شيبة، فضلاً عن مشاركته في قتل أبيها عتبة.

فأمّا هند ـ رضي الله عنها ـ فأسلمت ليلة الفتح، وبايعت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - واستغفر لها فلم يَضُرَّها ما سَلَفَ، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)} [الممتحنة] فيوم الفتح بايعت هند النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - على ما تقدّم في الآية الكريمة، وهي القائلة للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لمّا شَرَطَ على النّساء المبايعة وقال: " ولا يسرقن ولا يزنين، قالت هند: وهل تزني الحرّة؟! " (١).

وكانت هند ـ رضي الله عنها ـ من عقلاء النّساء، وحديثها مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُفهم منه ذلك، ومن مناقبها ما أخرجه البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ، قالت: " جاءتْ هنْدُ بِنْتُ عُتْبةَ، قالت: يا رسولَ الله، ما كان على ظهر الأرض من أهلِ خِبَاءٍ أحَبَّ إليَّ أن يذلّوا من أهل خِبائكَ، ثمّ ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهلُ خباءٍ أحبَّ إليّ أنْ يَعِزُّوا من أهل خِبائك. قالتْ: وأيضاً والّذي نفسي بيده قالت: يا رسولَ الله، إنّ أبا سُفيانَ رجُلٌ مِسّيكٌ (٢)؛ فهل عليّ حرج أن أُطْعِمَ من الّذي له عِيالَنا؟ قال: لا أراه إلاّ بالمعروف " (٣).

قال ابن حجر: " وقد كانت هند في منزلة أمّهات نساء النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأَنَّ أمّ حبيبة إحدى زوجاته بنت زوجها أبي سفيان " (٤).


(١) أخرجه ابن سعد بسند صحيح مرسل عن الشّعبي وعن ميمون بن مهران: " الطّبقات الكبرى لابن سعد " (م ٨/ص ٩).
(٢) مِسِّيكٌ: شحيح.
(٣) البخاري " صحيح البخاري " (م ٢/ج ٤/ص ٢٣٢) كتاب أحاديث الأنبياء.
(٤) ابن حجر " فتح الباري " (ج ٧/ص ١١٢) وماتت هنْد في خلافة عمر.

<<  <   >  >>