للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فآثرتَ هَذِي ثمَّ ألقيْتَ بالّتي ... حَمَلْتَ وما في الحقّ أن يُؤثَرَ الدُّونُ

سَتَتْبَعُها في وقعة الرُّوم أختُها ... إذا حانَ منها بعد ذلكمُ الحينُ

فخيرٌ على خيرٍ ونُعمى تزيدها ... من الله نُعمى سِرُّها عنك مَكنونُ

هنيئاً أبا سفيانَ لا الرُّمحُ آسفٌ ... ولا السّيفُ مكروبٌ ولا العزمُ موهونُ

عطاؤكَ في الهيجاءِ لم يُعْط مثلَهُ ... من النّاسِ إلا صادقُ البأسِ مأمونُ (١)

وقد روى ابن سعد بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيّب عن أبيه، قال " خَمَدَت الأصواتُ يوم اليرموك والمسلمون يقاتلون الرّوم، إلاّ صوت رجل يقول: يا نَصَرَ الله اقترب، يا نصر الله اقترب، فرفعتُ رأسي أنظر فإذا هو أبو سفيان بن حرب تحت راية ابنه يزيد بن أبي سفيان" (٢).

وقد عاش أبو سفيان بعد ذلك صابراً محتسباً بعد أن ابتلاه الله بحبيبتيه، قال الحافظ: "روى البغوي بإسناد صحيح عن أنس أنّ أبا سفيان دخل على عثمان بعدما عمي وغلامه يقوده " (٣).

ولا يخفى أنّ الله تعالى إذا ابتلى عبده بحبيبتيه فصبر فليس له جزاء إلاّ الجنّة، فقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " إنّ الله تعالى قال: إذا ابتليتُ عبدي بحبيبتيه فصبر عوّضتُهُ الجنّة، يُريد عينيه " (٤).

ومات أبو سفيان ـ رضي الله عنه ـ في خلافة عثمان ـ رضي الله عنه ـ، وقيل: مات في أواخرها، وقيل غير ذلك.

وأمّا زوجه هند ـ رضي الله عنها ـ آكلةُ الأكباد بوصفهم، فما زال أقوام يثلبونها بما كان


(١) أحمد محرَّم " ديوان مجد الإسلام " (ص ٤٠٥)
(٢) ابن حجر " الإصابة " (م ٢/ج ٣/ص ٢٣٨/رقم ٤٠٤١) وقال الحافظ: إسنادها صحيح.
(٣) ابن حجر " الإصابة " (م ٢/ج ٣/ص ٢٣٨/رقم ٤٠٤١)
(٤) البخاري " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٧/ص ٤) كتاب المرضى.

<<  <   >  >>