للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُسْتَشْهَدون، ويخُونُون ولا يؤتمنُون، ويَنْذرُونَ ولا يَفُونَ، ويظْهَرُ فيهم السِّمَنُ (١) " (٢).

فشهد النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالخيْريّة لأصحابه، ثمّ للتّابعين لهم، ثمّ لتابعيهم، ولذلك فالطّبقة الأولى المشهود لها بالخيّريّة هي الصّحابة.

قلت: فانظر إلى من يطعن في الصّحابة من أيّ الطّبقات هو؟! لا هو من الصّحابة، ولا من التّابعين لهم بإحسان، ولا من تابعيهم.

فإن قال قائل: بل هو من التّابعين، فالطَّعنُ بَدَأَ من عهدهم. قلنا: بل هو خلف سوء، وليس من التّابعين لهم بإحسان، لأنّ التّابعين بإحسان شهد لهم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالخيّريّة كما تقدّم، فهم في الطّبقة الثّانية، وقد نطق القرآن بفضلهم وقرنه بفضل الصّحابة، قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠)} [التّوبة].

وانظر كيف اشترط الله تعالى على التّابعين ليرضى عنهم، فقال: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ ... (١٠٠)} [التّوبة] فأخرج بذلك من لم يتّبعهم بإحسان، وانظر إلى إعجاز القرآن الكريم، فلم يشترط الله تعالى على الصّحابة ما اشترطه على التّابعين، فلم يستثنِ من الصّحابة أحداً؛ لأنّ الصّحابة كلَّهم أجمعين عدول دون استثناء، فتدبّر!

وقد أكّد النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في غير حديث على فضل الصّحابة، والتّابعين، وتابعيهم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: " يأتي على النّاس زمَانٌ فيَغْزُو فِئَامٌ من النَّاس، فيقولون: فِيْكُمْ مَنْ صاحبَ رسول الله


(١) كثرة الّلحم، ووجه كونه مذموماً أنّه ليس خِلْقةً، وإنّما يحصل عن التّوسع والإسراف في المأكل والمشرب فذلك مدعاة السِّمَن، والمراد جمعهم الأموال، وادِّعاء ما ليس عندهم من الشَّرف، وقيل غير ذلك.
(٢) " البخاري " صحيح البخاري " (م ٢/ج ٤/ص ١٨٩) كتاب أحاديث الأنبياء، ومسلم " صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ٨/ج ١٦/ ص ٨٧) كتاب فضائل الصّحابة.

<<  <   >  >>