للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلفاء تبليغ الرّسالة وليس فرضها على النّاس.

لكنّ هؤلاء الأقوام أوصدوا الأبواب دونهم، وصَدُّوهم عن أداء الأمانة، وتبليغ الرّسالة كما فعل المشركون أوّل الأمر؛ فجاءت الفتوحات الإسلاميّة لدفع هؤلاء الّذين وقفوا في وجه الإسلام عملاً بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩)} [الأنفال].

وهذه الآية الكريمة نزلت بأبي سفيان وأصحابه وقد سبقتها آيتان تتحدثان عن صدّ المشركين النّاس عن الدّخول في دين الإسلام، قال تعالى: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ... (٣٤)} [الأنفال] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ... (٣٦)} [الأنفال] ثمّ جاءت الآية الكريمة والأمر بقتال هؤلاء الذين وقفوا في وجه الدّعوة.

وقد يُحْمَل معنى الأمر في قوله تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ... (٣٩)} [الأنفال] أنّ هذا الأمر جاء لمّا كان الإسلام قليلاً، ففي الصّحيح عن نافع أنّ رجلاً أتى ابن عمر، فقال:

" يا أبا عبد الرّحمن، ما حملك على أن تحجّ عاماً وتعتمرَ عاماً وتتركَ الجهادَ في سبيل الله ـ عزّ وجلّ ـ وقد علمتَ ما رغّبَ اللهُ فيه؟! قال: يا ابن أخي، بُنِيَ الإسلامُ على خمس (١): إيمانٍ بالله ورسوله، والصّلوات الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزّكاة، وحجّ البيت. قال: يا أبا عبد الرّحمن، ألا تسمعُ ما ذكر الله في كتابه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ... (٩)} [الحجرات] {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ... (٣٩)} [الأنفال] قال: فعلْنا على عهد


(١) أراد أنّ الإسلام لم يبن على القتال.

<<  <   >  >>