للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السّندي، قال عنه الحافظ: " ضعيف، أَسَنَّ واخْتَلط " (١).

وليس الكتاب موضوعاً لبحث هذه الرّوايات، وقد نبّه إلى بطلانها غير عالم، ومنهم القاضي عياض في كتابه (الشّفا) (٢) وابن حزم في كتابه (الفِصَل) قال ابن حزم: " وأمّا الحديث الذي فيه: وإنّهنّ الغرانيق العلى وإنّ شفاعتهنّ لترتجى. فكَذِبٌ بحت موضوع؛ لأنّه لا يصحّ قطّ من طريق النّقل، فلا معنى للاشتغال به، إذ وَضْع الكذب لا يعجز عنه أحد " (٣) ومن العلماء من أفْرَدَ لها كتاباً، ومنهم الألباني في كتابه (نصب المجانيق لنسف رواية الغرانيق).

وقد وردت هذه الرّواية عند الطّبراني في (المعجم الكبير) (٤) من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، وهي مرسلة؛ لأنّ عروة بن الزّبير بن العوّام، تابعيّ.

وقد يقول قائل: إنّ الآية تؤكّد هذه القصّة، فالله تعالى يقول {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ... (٥٢)} [الحجّ] والجواب أنّ هذه الآية ليس فيها إسناد شيء إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنّما تتحدّث عن حالة مَنْ كان قبله من الأنبياء والمرسلين كما تقدّم. والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ـ كسائر الأنبياء ـ معصوم عن الإخبار عن شيء بخلاف ما هو عليه لا سَهْواً ولا عَمْداً.

وقد يقول آخر: أخبر الله تعالى أنّه ـ جلّ جلاله ـ ينسخ ما يلقي الشيطان في أمنيّة النَّبيِّ أو الرّسول، فلماذا لم يمنع الله تعالى الشّيطان من أوّل الأمر أن يلقي شيئاً؟!

وقد أجاب القرآن عن ذلك، قال تعالى: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا


(١) ابن حجر " تقريب التّهذيب " (ص ٥٥٩/رقم ٧١٠٠).
(٢) القاضي عياض " كتاب الشّفا " (ص ٢٩٤).
(٣) ابن حزم: " الفِصَل " (ج ٢/ ص ٣١١).
(٤) الطّبراني " المعجم الكبير " (ج ٩/ص ٢١/رقم ٨٣١٦).

<<  <   >  >>