٤ - أما تراجم الأذكار، فكل واحد منها يأتي قبل الحديث الذي يتعلق به، ويعطينا فكرة الحديث؛ وهي فكرة مجملة بليغة ولكنها بينة. وفي نفس الوقت، يستخدم المؤلف رحمه الله تراجم الأذكار لشرح الموضوع الذي هو بصدده وتحليله.
أمثلة من تراجم الأذكار في التقاسيم والأنواع:
ذكر نفي العذاب في القيامة عمَّن أتى الصلوات الخمس بحقوقها
ذكر البيان بأن الحق الذي في هذا الخبر قصد به الإيجاب
ذكر البيان بأن الصلاة لوقتها من أحب الأعمال إلى الله جل وعلا
من السهل على العاقل أن يلاحظ من خلال كل هذا، أن الشيخ المؤلف رحمه الله قد بني كتابه على أساس يشمل أقساماً متساوية متفقة التقسيم غير متنافية. لذلك، من المستحيل أن يقرأ أحد حديثاً من هذا الكتاب، فيزيل الحديث عن موضع القصد في سننه. فهذه خصلة خاصة لهذا الكتاب.
إن المشكلة الأساسية في عهدنا الحديث، هي عدم فهم كثير من القارئين لمغزى الحديث النبوي؛ لأن الأحاديث تشمل نماذج من حياة بَشَرٍ "صلى الله عليه وسلم" وهي متنوعة مختلفة الأحوال. فعندما نأخذ حديثاً، ونتجاهل أسباب وروده والأحوال التي ورد فيها، وقصد المصطفى صلى الله عليه وسلم حين ذاك، وأقواله بعده، قد نضع أنفسنا في مشكلة تسوقنا إلى فكرة تخالف وتهاتر أسس الدين. فمن السهل أن ترى طبقات من الناس يقرؤون الحديث، ويبتدعون أفكاراً قد تخالف كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. فهذا الكتاب، بترتيبه الممتاز، لا يسمح لأحد أن يسيء فهم الحديث حتى يقع في خطأ من هذا القبيل.
ففي الحديث التالي أن رجلاً جاء إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم، وطلب منه أن يقيم عليه الحد؛ لأنه أصاب من امرأة. فأخبره صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة بأن الله قد غفر له بصلاته؛
أخبرنا ابن سلم، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا الوليد، حدثنا الأوزاعي، حدثني شداد أبو عمار، حدثني واثلة بن الأسقع قال:
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أصبت حداً، فأقمه عليَّ!