قال: فأعرض عنه، ثم قال: يا رسول الله، إني أصبت حداً، فأقمه علي، فأعرض عنه، ثم أقيمت الصلاة، فلما سلم قال: يا رسول الله، إني أصبت حداً فأقمه عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"هل توضأت حين أقبلت؟ " قال: نعم. قال:"وصليت معنا؟ " قال: نعم. قال:"فاذهب، فإن الله قد غفر لك".
قد يفهم القارئ من هذا الحديث أن الصلاة تُكَفِّر الحدَّ عن مرتكب الزنا. ولكن المؤلف رحمه الله، أورد ثلاثة أحاديث بعد هذا الحديث تحت تراجم هذه الأذكار الآتية، للحيلولة دون الإخطاء في فهمه:
* الأول:
ذكر البيان بأن الحد الذي أتى هذا السائل لم يكن بمعصية توجب الحد
* الثاني:
ذكر خبر ثانٍ يدل على أن هذا الفعل لم يكن بفعل يوجب الحد مع البيان بأن حكم هذا السائل وحكم غيره من أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم فيه سواءٌ
* الثالث:
ذكر خبرٍ ثالثٍ يُصَرِّحُ بصحة ما ذكرناه
يصر ابن حبان رحمه الله عند بداية كل من أقسام السنن على أنه ألَّف كتابه لئلا يتعذر على الفقهاء حفظ الحديث، ولا يصعب على الحفاظ وَعْيُهُ.
فهذا الترتيب غير المعهود لأهل العلم والذي شرحناه، لا يوجد في أي كتاب من الكتب التي ألِّفت في عهد ابن حبان رضي الله عنه؛ لأن ابن حبان هو الذي أبدع هذا النوع من الترتيب في سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ ولم يستطع أحد بعده أن يتابعه في مثله رحمة الله عليه. ولكن هذا الترتيب لم يعقل، ولذلك لم يُهْتَم به قروناً، ولم يحظ بالعلاقة التي تليق به؛ لأن الناس كانوا مُتَعَوِّدِين على الترتيب المُبَوَّبِ. لذلك لم يَعْقِلوا مدى امتياز الكتاب. حتى إنهم بعد تأليف الكتاب بأربعة قرون تقريباً، استبدلوا ترتيبه بالترتيب على الكتب والأبواب، متعللين في ذلك بصعوبة الحصول على الحديث