للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا صَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ قَارِنًا مُتَمَتِّعًا مُفْرَدًا، صَحَّ أَنَّ الأَخْبَارَ يَجِبُ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهَا مَا يُوَافِقُ الْعَقْلَ، وَمَهْمَا جَازَ لَكُمْ أَنْ تَرُدُّوا خَبَرًا يَصِحُّ ثُمَّ لَا تَسْتَعْمِلُوهُ، أَوْ تُؤْثِرُوا غَيْرَهُ عَلَيْهِ، كَمَا فَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ الثَّلَاثَةِ، يَجُوزُ لِخَصْمِكُمْ أَنْ يَأْخُذَ مَا تَرَكْتُمْ، وَيَتْرُكَ مَا أَخَذْتُمْ.

وَلَوْ تَمَلَّقَ قَائِلٌ في هَذَا فِي الْخَلْوَةِ إِلَى الْبَارِئِ جَلَّ وَعَلَا، وَسَأَلَهُ التَّوْفِيقَ لإِصَابَةِ الْحَقِّ وَالْهِدَايَةِ لِطَلَبِ الرُّشْدِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الأَخْبَارِ، وَنَفْيِ التَّضَادِّ عَنِ الآثَارِ لَعَلِمَ بِتَوْفِيقِ الْوَاحِدِ الْجَبَّارِ، أَنَّ أَخْبَارَ الْمُصْطَفَى صَلى الله عَلَيه وسَلم لَا تَضَادَّ بَيْنَهَا وَلَا تَهَاتُرَ، وَلَا يُكَذِّبُ بَعْضُهَا بَعْضًا إِذَا صَحَّتْ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، لَعَرِفَهَا الْمَحْضُوضُونَ فِي الْعِلْمِ، الذَّابُّونَ عَنِ الْمُصْطَفَى صَلى الله عَلَيه وسَلم الْكَذِبَ، وَعَنْ سُنَّتِهِ الْقَدَحَ، الْمُؤْثِرُونَ مَا صَحَّ عَنْهُ صَلى الله عَلَيه وسَلم عَلَى قَوْلِ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ أُمَّتِهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم.

وَالْفَصْلُ بَيْنَ الْجَمْعِ فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ: أَنَّ الْمُصْطَفَى صَلى الله عَلَيه وسَلم أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ حَيْثُ أَحْرَمَ، كَذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، فَخَرَجَ رسول الله صَلى الله عَلَيه وسَلم وَهُوَ يُهِلُّ بِالْعُمْرَةِ وَحْدَهَا، حَتَّى بَلَغَ سَرِفَ، أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِمَا ذَكَرْنَا فِي خَبَرِ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَفْرَدَ حِينَئِذٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَقَامَ عَلَى عُمْرَتِهِ وَلَمْ يَحِلَّ، فَأَهَلَّ صَلى الله عَلَيه وسَلم بِهِمَا مَعًا حِينَئِذٍ إِلَى أَنْ دَخَلَ مَكَّةَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>