وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ سَاقُوا مَعَهُمُ الْهَدْيَ، وَكُلُّ خَبَرٍ رُوِيَ فِي قِرَانِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وسَلم إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ حَيْثُ رَأَوْهُ يُهِلُّ بِهِمَا بَعْدَ إِدْخَالِهِ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ إِلَى أَنْ دَخَلَ مَكَّةَ، فَلَمَّا دَخَلَ صَلى الله عَلَيه وسَلم مَكَّةَ وَطَافَ وَسَعَى، أَمَرَ ثَانِيًا مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ، وَكَانَ قَدْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ أَنْ يَتَمَتَّعَ وَيَحِلَّ، وَكَانَ يَتَلَهَّفُ صَلى الله عَلَيه وسَلم عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الإِهْلَالِ، حَيْثُ كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ مِمَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ لَمْ يَكُونُوا يَحِلُّونَ حَيْثُ رَأَوُا الْمُصْطَفَى صَلى الله عَلَيه وسَلم لَمْ يَحِلَّ حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا وَصَفْنَاهُ مِنْ دُخُولِهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم عَلَى عَائِشَةَ وَهُوَ غَضْبَانُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وَأَحْرَمَ الْمُتَمَتِّعُونَ خَرَجَ صَلى الله عَلَيه وسَلم إِلَى مِنًى، وَهُوَ يُهِلُّ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا، إِذِ الْعُمْرَةُ الَّتِي قَدْ أَهَلَّ بِهَا فِي أَوَّلِ الأَمْرِ قَدِ انْقَضَتْ عِنْدَ دُخُولِهِ مَكَّةَ بِطَوَافِهِ بِالْبَيْتِ وَسَعْيِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَحَكَى ابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيه وسَلم أَفْرَدَ الْحَجَّ، أَرَادَا مِنْ خُرُوجِهِ إِلَى مِنًى مِنْ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ هَذِهِ الأَخْبَارِ تَضَادٌ أَوْ تَهَاتُرٌ.
وَفَّقَنَا اللهُ لِمَا يُقَرِّبُنَا إِلَيْهِ، وَيُزْلِفُنَا لَدَيْهِ مِنَ الْخُضُوعِ عِنْدَ وُرُودِ السُّنَنِ إِذَا صَحَّتْ، وَالاِنْقِيَادِ لِقَبُولِهَا وَاتِّهَامِ الأَنْفُسِ، وَإِلْزَاقِ الْعَيْبِ بِهَا إِذَا لَمْ نُوَفَّقْ لإِدْرَاكِ حَقِيقَةِ الصَّوَابِ دُونَ الْقَدْحِ فِي السُّنَنِ وَالتَّعَرُّجِ عَلَى الآرَاءِ الْمَنْكُوسَةِ وَالْمُقَايَسَاتِ الْمَعْكُوسَةِ، إِنَّهُ خَيْرُ مَسْؤُولٍ. [٣٩١٩]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute