وصنف وحفظ وذاكر ولزم الدين والورع الخفي والعبادة الدائمة والصلابة في السنة والطبق على أهل البدع ولم يشك عوام أهل البصرة أنه كان مستجاب الدعوة ولم يكن بالبصرة في زمانه أحد ممن نسب إلى العلم يعد من البدلاء غيره.
فمن اجتمع فيه هذه الخصال لم استحق مجانبة روايته؟
فإن قال: لمخالفته الأقران فيما روى في الأحايين. يقال له: وهل في الدنيا محدث ثقة لم يخالف الأقران في بعض ما روى؟ فإن استحق إنسان مجانبة جميع ما روى بمخالفته الأقران في بعض ما يروي لاستحق كل محدث من الأئمة المرضيين أن يترك حديثه لمخالفتهم أقرانهم في بعض ما رووا.
فإن قال: كان حماد يخطئ. يقال له: وفي الدنيا أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرى عن الخطأ؟ ولو جاز ترك حديث من أخطأ لجاز ترك حديث الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المحدثين لأنهم لم يكونوا بمعصومين. فإن قال: حماد قد كثر خطؤه. يقال له: إن الكثرة اسم يشتمل على معاني شتى ولا يستحق الإنسان ترك روايته حتى يكون منه من الخطأ ما يغلب صوابه فإذا فحش ذلك منه وغلب على صوابه استحق مجانية روايته وأما من كثر خطؤه ولم يغلب على صوابه فهو مقبول الرواية فيما لم يخطئ فيه واستحق مجانبة ما أخطأ فيه فقط. مثل "شريك" و "هشيم" و "أبي بكر بن عياش" وأضرابهم كانوا يخطئون فيكثرون فروى عنهم واحتج بهم في كتابه. وحماد واحد من هؤلاء.
فإن قال: كان حماد يدلس. يقال له: فإن قتادة وأبا إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وابن جريج والأعمش والثوري وهشيما كانوا يدلسون