في هذا الفصل ذكر الشيخ رحمه الله نقولاً عن السلف يستبين بها لكل من نظر فيها مذهبهم وطريقهم في باب الأسماء والصفات، وإنما احتاج إلى هذه النقول، وإلى ما سيأتي من النقول؛ لقطع كل ريبة أو شك في أن السلف رحمهم الله أثبتوا الصفات على الوجه الذي جاء في الكتاب وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
وفي ثنايا نقله نقل قول ربيعة ومالك في الاستواء، وهو أن الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب.
ونقل أيضاً قول بعض السلف في الصفات: أمروها كما جاءت، فلما كان في هذين القولين متمسك لبعض الذين قالوا: إن السلف لم يثبتوا الصفات، وإنما مذهبهم التفويض، استدل بهذا القول على أن السلف ليسوا من أهل التجهيل الذين يقولون: إن نصوص الصفات لا معنى لها.
فقال رحمه الله:(فقول ربيعة ومالك: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، موافق لقول الباقين: أمروها كما جاءت بلا كيف) فلا تعارض بينهما، يقول:(فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة) فهذه الأقوال إنما نفى فيها السلف رحمهم الله علم الكيفية؛ لأن العلم بكيفية الشيء فرع عن العلم به، فلما كان العلم بالذات ممتنعاً فكذلك العلم بكيفية الصفات، إذ إن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات.