ثم قال رحمه الله: [ثم عامة هذه الشبهات التي يسمونها دلائل، إنما تقلدوا أكثرها عن طاغوت من طواغيت المشركين أو الصابئين، أو بعض ورثتهم الذين أمروا أن يكفروا بهم، مثل فلان وفلان، أو عمن قال كقولهم؛ لتشابه قلوبهم.
ذكر الشيخ رحمه الله في هذا المقطع أن هؤلاء لما أعرضوا عن الكتاب والسنة، استعاضوا عنهما قواعد قررها أهل الكفر والشرك وأهل الضلال والبدعة، وجعلوها حاكمة على نصوص الكتاب والسنة، وجعلوها مرجعاً في الخلاف الذي وقع بينهم، وهذا خلاف الصواب وخلاف ما أمر الله به؛ إذ إن الله جل وعلا أمر بالرجوع إلى كتابه وإلى سنة رسوله قال تعالى:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء:٦٥] ، وكذلك الآية الأخرى التي فيها: أن الله أنزل الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه فمن عطل الكتاب عما أنزل لأجله فقد ضل ضلالاً مبيناً.
ثم عاد الشيخ رحمه الله مرة أخرى لذكر لوازم هذا القول الباطل ولوازم هذه الطريقة الفاسدة -وهي طريقة النفاة- فقال رحمه الله:[ولازم هذه المقالة: ألا يكون الكتاب هدى للناس ولا بياناً، ولا شفاء لما في الصدور ولا نوراً ولا مرداً عند التنازع؛ لأنا نعلم بالاضطرار أن ما يقوله هؤلاء المتكلفون: إنه الحق الذي يجب اعتقاده، لم يدل عليه الكتاب والسنة لا نصاً ولا ظاهراً] .
من اللوازم الكبرى على قولهم وفعلهم ونفيهم لصفات الله عز وجل، أن الكتاب والسنة ليس فيهما هدى للناس ولا بيانٌ ولا شفاءٌ لما في الصدور، قال:(لأنا نعلم بالاضطرار أن ما يقوله هؤلاء من نفي الصفات وتعطيلها لم يدل عليه الكتاب ولا السنة لا نصاً ولا ظاهرا) أي: وإذا كان الأمر كذلك علم بذلك ضلال طريقهم.