(الثالث: أن عامة هذه الأمور قد علم أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بها بالاضطرار) لكثرة ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في الإخبار عنها وفي ذكرها (كما أنه جاء بالصلوات الخمس وصوم شهر رمضان) يعني: كما جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالصلوات الخمس وجاء بصيام شهر رمضان وأقررنا بذلك وأثبتناه ولم ندخل في ذلك متأولين، بل ننكر جميعاً على الباطنية الذين يؤولون هذه العبادات بتأويلات فاسدة، فكذلك حالكم في تأويلكم صفات الله عز وجل، فكما أنكم أنكرتم على أهل التأويل من القرامطة والباطنية الذين أولوا هذه العبادات بأمور باطلة لم يأت ما يؤيد ما ذهبوا إليه في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فكذلك نقول في باب الأسماء والصفات، فالأمر كله من باب واحد.
فإذا كنا لا نقبل تأويل القرامطة والباطنية في قولهم: إن الصلوات الخمس ليست على ظاهرها بل يراد بها كذا وكذا، وكذلك الحج لا يراد به ما فهم منه عوام المسلمون بل يراد به كذا وكذا، وكذلك نقول لكم في باب الأسماء والصفات: إنها على ظاهرها ويجب الإيمان بها كما أخبر بها الله سبحانه وتعالى وأخبر بها رسوله صلى الله عليه وسلم، فالتأويل الذي يحيلها، أي: التأويل الذي اعتمدتموه في إحالة الأسماء والصفات بمنزلة تأويل القرامطة والباطنية في الحج والصلاة والصوم وسائر ما جاءت به النبوات، فالباب واحد ولا فرق، فكما أنكم تنكرون على أولئك تأويلاتهم الباطلة فيجب عليكم أن تنزعوا عن هذه التأويلات الفاسدة التي أولتم بها نصوص الصفات.